رواية شظايا قلوب محترقة الفصل26
ومراتك دي مش بنتها هي دي البنت اللي اتهموا بقټلها يعني هي ماموتتهاش زي ماقالوا شوف حتى دي طلعت فيها بريئة..رغم اني مكنتش اعرف انها هتكون أمي بس مصدقتش انها تكون قاټلة روح انا كنت عارف انها بريئة
ساد صمت طويل آخر. شعر أرسلان بثقل أنفاسه وهو ينتظر إجابة حتى جاء صوت إلياس أهدأ لكنه أكثر حدة كأنه يقطع سکين الألم على مهل
شهق أرسلان بدهشة وصدمة صوته خرج مخټنقا
عارف!
أيوة. مدام فريدة بريئة...وميرال مش بنتها عرفت من فترة مكنتش اعرف من الاول لأنها غيرت اسمها لميرال جمال الدين مكنش قدامي دليل واضح لحد ماعرفت اني مش ابن السيوفي بس مكنتش اعرف انك اخويا حتى لما طلبت منك التحري مكنش اعرف كنت عايز اثبت برائتها لنفسي وبس المهم اسمعني دلوقتي علشان لازم نكون هادين
قاطعه أرسلان پصرخة محتقنة بالألم والڠضب كأنما ټنفجر من أعماق صدره
ومين هي مدام فريدة دي بالنسبة لنا ايه ياحضرة الظابط نسيت ابوك
حق ابوك فين!
رد إلياس بصوت مشحون لكنه متزن يحاول أن يحتوي ڠضب أرسلان
حقهم هييجي يا أرسلان...بس مش بالطريقة اللي راجح عايزنا ناخدها..إحنا اتربينا نكون مختلفين زي ما إسحاق قال من حق أبوك عليك يفضل اسمه عايش. فاروق ومصطفى مالهمش ذنب ما ننجرش ورا الڠضب ونضيع كل حاجة.
تمام... أنا هروح المستشفى.
أغلق الهاتف قبل أن يسمع رد إلياس أدار محرك السيارة..
عاد إلى منزله اولا وجد غرام تنهي صلاتها جلس بجوارها إلى أن انتهت ثم تمدد يتوسد ساقيها يهمس بأرهاق
خللت أناملها بخصلاته تجيبه
واختك تطلع مش اختك وباباك يطلب منك وصية ټحرق قلبي ..قالتها بصوت مكتوم بالدموع
اعتدل مستندا على مرفقيه وجذبها من عنقها يحتضن ثغرها للحظات ثم تركها يمرر انامله على شفتيها
ملك هتفضل اختي ياغرام كوني مطمنة من الناحية دي انا اضطريت اوافق علشان عملية بابا بس انا واسحاق مستحيل نقبل بحاجة زي كدا حتى لو بابا ..صمت يتنهد پألم ثم اعتدل وجذبها يضمها لأحضانه
ابتسمت من بين آلامها لتقترب تطبع قبلة فوق وجنتيه تهمس بحبه بخفوت
ربنا مايحرمني منك يارب
نهض من مكانه يسحب كفيها
اجهزي علشان نروح المستشفى مش عايزك تبعدي عن ماما الايام دي
حاوط أكتافها وتحرك للداخل قائلا
هوصلك حبيبي وبعد كدا لازم اروح لها كفاية ۏجع لحد كدا
مرت اللحظات كأنها أزمان خالدة كأن الأرض توقفت عن الدوران وتركته عالقا بين الخۏف والشوق بين الأمل والرهبة. كانت خطواته إلى فيلا السيوفي ثقيلة كأنها تجر بأغلال وكل نبضة في صدره تصرخ كيف تكون هذه أمك!. لم يكن الطريق مجرد دقائق بل كان رحلة عبر چروح السنين عبر الغياب الذي مزق قلبه وترك فيه فجوة لا يملؤها إلا هذا اللقاء.
وصل إلى البوابة ووقف للحظة يحاول أن يلتقط أنفاسه المبعثرة إلياس سمح له بالدخول ولكن قدميه كانتا ترتعشان كأنهما تحملانه إلى قدر مجهول. وعندما خطى إلى الداخل تسللت إلى أذنيه نغمة صوتها. ذاك الصوت الذي جعل قلبه يرتجف
توقف الزمن وهو يستمع إليها تتحدث مع إلياس قلبه كاد ينفجر
هل هذه أمي هل هذا الصوت الذي يرواد أحلامي.
استدار ببطء ورآها ونظر لها نظرة وكأنه يراها لأول مرة هنا شعر وكأن حياته أصبحت سنوات ضائعة ك
تعلقت الأعين بوقوفها لكنه لم يكن يرى سوى الحنين يطل من عينيها..التقت نظراتهما بحديث طويل ملغم بالألم والحنين اقترب خطوة اخرى ولكنها مرتعشة لتهمس بتقطع
ارسلان رغم أنها خاڤتة إلا أنها اخترقت اذنه في تلك اللحظة اڼهارت كل الجدران. شعر فيها الأم التي حملته يوما بين ذراعيها رأى فيها حضنا اشتاق إليه رأى فيها كل ما فقده في عمره.
اقترب بخطوات اخرى مرتجفة جسده كله كان ينتفض كأنه طفلا صغيرا يتعلم المشي لأول مرة..لكنه هذه المرة لم يكن يمشي نحو الحياة كان يمشي نحوها نحو روحه التي فقدها..حاول أن ينطق حاول أن يخرج الكلمات من فمه لكن الحروف خانته خذلته كما خذله الزمن الذي دمر حياته فجأة من بعد ماكانت حياة الأمير المنعمة بالورود أصبحت حياة الفتى الطاغي بالشوك والوعود خطى وخطى ولكنه لم يستطع سوى أن يحتضنها بعينيه يلتهم ملامحها بنظراته وكأنها صورة تفر من بين أصابعه..ليسرقها الزمن كما سرقه الشيطان من نبع حنانها..همس بتقطع وعيناه مازالت تحاصر وقوفها
اتأخرت عارف ..سكون للحظات من ناحية فريدة علها تستوعب ماتلفظه هل عقلها الباطني هيئ لها ..اقترب خطوة أخرى وكأنه يتحرك إليها على سيف مدبب ليراود عقلها لما لا وهي
الأم التي ظلت تنتظره طوال سنواتها العجاف لا تفعل شيئا مع تحركاته فقد تجمدت في مكانها..كيف لامرأة أن تختصر كل سنوات الغياب في لحظة واحدة كيف لقلبها أن يحتمل هذا الانفجار العاطفي ظلت تنظر إليه بذهول تتفحص وجهه تسأل نفسها
هل هذا حلم هل هذا حقا علم من هو...استمعت إلى همسه الذي اعتبرته بعيدا بعد المدى وهو يتمتم
أنا جيت وعايز أتأكد بس ضايع هي مين! وأنت مين! وهو مين!.
ثم بصوت مخټنق بالشوق والۏجع
أنا ضايع ليه بيحصل معايا كدا طيب
أمي صفية إزاي هي وإزاي إنت
حاسس إني بغرق لأ أنا بردان..قالها برجفة تسربت لكامل جسده..جيت لك يمكن الاقي الدفى عندك هلاقي الدفى دا ولا لسة هغرق تاني
هنا توقفت عقارب الساعة بل توقف دوران الأرض لتجذب جسده المرتعش إلى حضنها احتضنته كأنها تعيد وصل ما انقطع كأنها تحميه من لسعة برد القلوب التي شعر بها كأنها وكأنها تريد وتريد ولكن الأهم تستعيد جزءا من روحها المفقودة بكاءها كان كصړخة تخرج من أعماق قلب أم قټل صبرها وصار انتظارها عذابا..لتمتم بصوت مخڼوق
ادفيك بروحي يانور عيوني
ظل أرسلان بين ذراعيها عاجزا عن الكلام لكنه حين التقط أنفاسه أخيرا خرجت منه كلمات كالهمس لكنها كانت تحمل ثقل الكون كله ليردد بنبرة تحمل اوجاع كل ماشعر به
إنت أمي!
كانت كلمته كطعڼة في قلبها لكنها لم تؤلمها بل أخرجت كل مشاعرها دفعة واحدة. شهقت كأنها تلقي بحمل سنوات الغياب واڼهارت على الأرض وهي تضمه إليها أكثر
آااه صړخة شقت عنان السماء ليشعر إلياس بالفزع على ذاك المشهد المريب حتى انزلقت عبرة ټحرق وجنتيه وهو يراها لأول مرة بتلك الحالة اقتحم مصطفى الغرفة بعدما استمع الى صرخات فريدة ليقف بجسد متصنم وهو يراها تحتوي جسد ارسلان بين ذراعيها.
رفع ارسلان عينيه نحو إلياس وقد أثقل الحزن كلماته حتى بدت كأنها تحمل جبالا من الألم.
ليه ماقولتش من زمان ست الكل تبقى أمي!!
الست اللي حياتها اتحطمت..هي أمي أمي اللي بعتني أدور