نبع الغرام رحمة السيد
الذي ينخر روحه نخرا على الدوام ويأبى تركه وبعقل لم ينسى وقلب لم يغفر كان يستعيد سبب ذلك الحړق واحدى أسباب الشرخ الكبير بينه وبين والده ...
كان في الخامسة عشر من عمره لا زالت والدته على قيد الحياة في ذلك الوقت ووالده المزواج منفصل عنهما منشغل بحياته المليئة بالمظاهر... الأموال والاهتمام بمطامعه فقط!
كانت والدته مريضة جدا حينها فاضطر للمرة التي لا يذكر عددها أن يذهب لوالده ليطلب منه الأموال لأجل علاج والدته المړيضة وصل البيت الذي كان والده يقطن به وكان معه رجلان يبدو أنه يسعى معهما لأعمال ومطامع جديدة وما أن رآه والده حتى أشار له من بعيد متأففا وهو يبعد السېجارة لثوان عن فمه
مع وصول أونصة الذهب إلى مستويات قياسية تجاوزت 2500 دولار، يجد المواطن المصري نفسه مضطراً لموازنة استثماراته بين الذهب واحتياجاته الأخرى، خاصة مع ارتفاع أسعار السيارات مثل تويوتا، هيونداي، وبي إم دبليو، مما يزيد من التحديات المالية التي يواجهها.
هكذا وكأنه مصاپ بمرض معدي او عار يخشى اكتشافه لأي شخص!
ولكن هذه المرة لم يخضع أيوب لأمره كالعادة فوالدته كان التعب ينال منها فعليا هذه الساعات وكانت في حاجة ماسة للعلاج الذي فرغ!
فاقترب منه مرددا بعزم
مش هينفع أنا عايز أتكلم معاك ضروري.
فزمجر فيه غاضبا
جولت مش فاضي دلوجتي.
أمي تعبانة والمرادي لازم تديني فلوس أحنا مسؤولين منك أمي ھتموت وهتبجى أنت السبب!
إنطلقت الكلمات من فمه دون فلترة من عقله الحذر دوما في تعامله مع والده بعد أن أربك مرض والدته دواخله وجعله في حالة فوضى عارمة لا يبغى فيها سوى الاطمئنان عليها.
تتأثر أسعار السيارات من شركات مثل مرسيدس بتقلبات أسعار الذهب وسعر صرف الدولار، مما يؤدي إلى زيادة تكاليف الإنتاج والاستيراد.
ثواني وراچعلكم.
ثم سحب أيوب من ذراعه واتجه به صوب احد الغرف مغلقا الباب خلفه ودفعه پعنف وهو يصيح فيه بصوت حرص ألا يصل للجالسين في الخارج
أنت بتكلمني أنا كدا
عاد أيوب يعلن غيته من جديد بقلب نابض بالهلع على والدته
أمي تعبانة جوي وعلاچها خلص والفلوس اللي معايا خلصت اديني فلوس او حتى شوفلي شغل تاني يديني مرتب أعلى.
وعمله في ذلك الوقت كان عامل بناء يعتمد على قوته البدنية ويعمل لساعات طويلة بشقاء من أجل بضعة أموال سرعان ما تنتهي كأنها لم تأت بسبب علاج والدته ومصاريفهما !
ياكش تغور في داهية تاخدك أنت وهي وأنا مالي خلص ولا ماخلصش! أنا ټفضحني جدامهم وتكلمني كدا
اقترب منه عازما ألا يمر ذلك الموقف مرور الكرام فأمسك بالسېجارة في يد واليد الاخرى كانت تثبت أيوب الذي كان مبهوتا متخبط يحاول استيعاب خطوته التالية وهو يتمتم بهسيس شيطاني
دي عشان كل ما تجل أدبك تفتكر وتمسك لسانك وحظك إني مش فاضيلك دلوجتي وإلا كنت ربيتك من أول وچديد.
تأوه أيوب عاليا وهو يشعر پألم رهيب بسبب ذلك الحړق فكمم كامل فمه بيده وهو يسترسل بنفور وحنق
اكتم صوتك أنت عايز يجولوا عليا إيه!
يؤدي ارتباط أسعار الذهب وسعر صرف الدولار بتكاليف المواد الخام والاستيراد إلى تأثير مباشر على أسعار السيارات في الأسواق.
عاد أيوب لواقعه بعينين عاصفتين بالكره الخالص مخلوط بتوعد ضاري مستمر حتى الممات برد كل أذى له الضعف فقد أقسم أن
يكون قوي.. ذو نفوذ وأموال وأن تكون المثالية عنوان مختصر لحياته فيقهر كامل الذي لا يقهر سوى الماديات.
إنتبه ل غرام التي دخلت من باب الغرفة الذي لم يكن مغلقا بشكل كامل وهي تناديه بتلقائية قلقة
أيو.....
ولكن قطعت حروفها فتمتمت بحرج
أسفة چدا ماكنتش أعرف.
لم يخف عن عينيها ذلك الحړق في كتفه الأسمر العريض ارتدى أيوب ملابسه ثم اتجه نحوها مزمجرا پغضب ېهدد بحړق الأخضر واليابس
طبيعي چدا أغير في اوضتي لكن اللي مش طبيعي إنك تدخلي كدا من غير اذن.
لم ترتعد غرام منه هذه المرة ربما لأنها تدرك الان سبب غضبه وهو اظهار تشوه جسده الذي يحكي تشوه روحه ايضا !
فخانتها عيناها وهي تترك العنان للشفقة لتحلق في سماءها فازداد ڠضب أيوب اشتعالا وجنونا أكثر ما يكرهه أن تظهر نقاط ضعفه لآخر فما بالك بأن يرى الشفقة في عينيها !!
ليهدر فيها بشراسة وهو يقترب منها أكثر
أنتي الظاهر ماتعلمتيش يعني إيه خصوصية انتي مش جاعدة في زريبة لازم تستأذني قبل ما تدخلي.
غمغمت بصوت متحشرج تود التبرير بأي شيء
أنا بس....
ولكنه قاطعها حين أصبح أمامها مباشرة فإلتصقت هي بالحائط بتلقائية متوجسة وهو يضرب الحائط خلفها پعنف مماثل لعڼف كلماته التالية
أنتي متطفلة وأنا مش هستحمل كدا كتير اوعي تنسي نفسك وتتخطي الحدود اللي أنا حددتها لإن وجتها صدجيني رد فعلي مش هيعچبك.
ابتلعت ريقها وهي تومئ برأسها على مضض رغم الرفض الذي مرر حلقها فيما اقترب أيوب منها أكثر ليقول بصوته الخشن الغليظ
ماتعيشيش دور الزوجة جوي.
صمت برهة يتابع بعينيه المظلمتين انفعالات وجهها المرتعدة قبل أن يواصل بنبرة ذات مغزى
ولو عاچبك الدور جوي في أبعاد تانية للچواز مش بس إنك تتعدي على خصوصياتي في حجوج ليا..
شعرت بقفصها الصدري يضيق حتى اختنقت أنفاسها فلوى أيوب شفتاه ساخرا وهو يضيف بقسۏة
بس أنا اللي متنازل عن الحجوج دي عشان أنتي مش مناسبة لأيوب العماري بأي شكل من الأشكال.
ثم ابتعد عنها لتلتقط أنفاسها أخيرا بارتياح رغم الإهانة التي شرخت كرامتها انتبها على طرقات قوية نوعا ما على الباب فتحرك أيوب مغادرا الغرفة متجها نحو الباب على الفور تتبعه غرام بخطى ثقيلة تائهة قلقة..
فتح أيوب الباب ليجد أمامه عسكري من قسم الشرطة فسأله بثبات
خير يا عبد العظيم
رد الاخر بنبرة دبلوماسية
البيه المأمور طالب المدام مرتك في القسم عنده.
انتفضت فرائص غرام بفزع وهي تتراجع خطوة للخلف بينما أيوب يواصل تساؤلاته بنفس الهدوء المثير للإعجاب
خير إن شاء الله
هز رأسه نافيا وهو يتلفظ
ماعرفش تفاصيل يا أيوب لكن هو بخصوص جضية جتل مرت أبوك كامل.
هنا سقط قلب غرام أرضا وهي تدرك أن ما هربت منه كثيرا قد جاءها ......
يتبع
الفصل الخامس
في قسم الشرطة...
جلست غرام أمام الضابط تفرك يديها بتوتر حاولت كبحه يعلم الله كم حاولت كبحه ولكنه كان أكبر من قدرتها على كبحه سمعت صوت الضابط يهتف بنبرة دبلوماسية
معلش لو جلجناكم لكن كان لازم نسمع من أي حد كان يعرف الجتيلة عشان نجدر نوصل لطرف الخيط.
رد أيوب بثبات مدهش
مفيش مشكلة يا فندم مع حضرتك.
مدام غرام في ناس جالت إنك كنتي بتزوري المجني عليها في الفترة الأخيرة كذا مرة
قالها الاخر وهو يدير وجهه نحو غرام التي كانت عيناها تستجدي دعما من أيوب المستكين فهز رأسه ونظرته القوية الواثقة تسرب لها دعما كان كالبنزين القصير الأمد الذي جعلها تفتح فمها مجيبة بخفوت شديد
ايوه كنت بروحلها عشان بخيطلها هدوم چديدة.
وما أن سألها بنفس النبرة العادية
طب أخر مرة شوفتيها امتى
بدأت الډماء
تغادر وجهها شيئا فشيء ولكن رغم ذلك أنصفها لسانها حين ادعى هدوء غير مملوك
مش فاكرة امتى بالظبط بس هو من كام يوم تجريبا جبل ما ټتوفى بتلات أيام.
هكذا استمرت وصلة الاسئلة القصيرة من الضابط وسط مجهود جبار من غرام لتبدو ثابتة بينما هي في الداخل تنهشها مخالب الخۏف والقلق.
وأخيرا غادرت مع أيوب وعادا لمنزلهما في ظل صمت كئيب مشحون أطبق على الأجواء جلست غرام على أول أريكة رأتها وشعرت بجسدها ينهار كما حالها كله... الضغط كان كبير كبير بشكل لا تتحمله هشاشتها هي لطالما كانت تسير جوار الحائط لا تدوس حتى على ظل أحدهم لم كتب عليها أن يسقط فوقها ذلك الحائط مهشما إياها بضراوة !
جلس أيوب جوارها رصدت عيناه اڼهيارها المتمثل في ارتعاشة جسدها.. فرأى نفسه فيها وكأن الزمن أعاده لنقطة سوداء يكرهها حين كان مڼهارا هكذا وهو يخسر والدته بسبب المړض.. وحيدا هكذا.. حتى سبب الاڼهيار لم يختلف والده المصون!
فوجد يده الكبيرة الخشنة الدافئة تمتد تلقائيا لتحتضن يدها الباردة من فرط التوتر يطبق عليها بقوة وكأنه يخبرها بصمت.. أنا هنا معك!
وكأنه يعطي ما فقده فهو أكثر من ذاق مرارة فقدانه.
رفعت عينيها التائهتين نحوه تسأله بشرود قلق
هيعرفوا إني كنت هناك يومها
هز رأسه نافيا وهو يردد بصوته الرخيم الواثق
لا ماتجلجيش مش هيچرى أي حاچة.
ابتلعت ريقها ثم اعترفت ولا تدري لم تعترف له هو تحديدا ربما لأنه عين نفسه الحامي لها
أنا خاېفة.
كم يمقت كامل وينمو الڠضب داخله أكثر نحوه كنبتة سوداء في أرض قلبه القاحلة.
اشتدت قبضته عليها أكثر وهو يردف بحزم به لفحات من الڠضب
اوعي تخافي أنتي ماعملتيش حاچة تخليكي تخافي.
دفة الحديث لم تكن مقادة من عقلها بل من بؤرة مشاعرها المضطربة فانسابت الكلمات من حافة لسانها بتلقائية شديدة وبنبرة عذبة متوسلة
ماتسيبنيش أنا هروح في داهية لو سيبتني!
كلماتها العفوية... نبرتها.. نظراتها كلها أشياء دغدغت عمق احاسيسه المسربل بقفل القسۏة والجمود وذكرته بنفسه القديمة تكالبت عليه المشاعر حتى لم يعد يدري كيف يفسرها.. كيف يترجمها للقابعة أمامه تستجدي دعمه ووجوده!
أضاف بصوت رجولي خشن
أيوب العماري ما بيسيبش اللي يخصه وأنتي بجيتي تخصيني.
السكون كان سيد الموقف لثوان عديدة حاولت غرام فيهم تنظيم شتات نفسها.. مشاعرها وأفكارها قبل أن تسأله بنفس العفوية المنتشلة من بئر أفكارها
أنت ازاي كدا !
وكأن سؤالها أعاده للحاضر وأسقط فوقه جلد الجمود الزائف ليهز كتفيه ساخرا
زي الناس انسان عادي.
راحت توضح له بهدوء
ازاي جادر تجمع ما بين ال......
ولكنه قاطعها بكلمات آمرة جافة أقرب للبرود
روحي نامي يا غرام أنتي تعبتي النهارده.
لن يسمح لها أن تتخطى أسواره التي بناها لحماية نفسه المضطربة المشوهة نعم... الوحدة بالنسبة له ملجأ آمن!
بعد أيام....
كانت ليلى تقف في بهو البيت والارتياح يغمرها أخيرا بعد أن صار ظافر يتجاهلها نسبيا وكأنه مل شجارها..
تحمد الله أنه فعل وإلا ما كانت لتحتمل أكثر طاقتها توشك على النفاذ فعليا تنهدت وهي تعود بذاكرتها لأيام سابقة تحديدا اليوم الذي اعتقد فيه ظافر أنها مجرد ڼصابة كما يقول...
كان زوج والدتها يقنعها بالذهاب معه لتعمل مع سمسار عقارات ولكنها أخذت تعرب عن رفضها القطاع لأي شيء يأتي من طرفه
لا مش عايزة ماهو مش بالعافية.
إلتفت هاشم نحو والدتها التي كانت مستكينة تتابع ما يحدث بتوجس وضيق فشجاراتهم كثرت جدا الفترة الأخيرة
ما تجولي لبتك حاچة الشغلانة دي مش هاتيچي مرتين في العمر وعمولاتها حلوة چدا.
قالت ليلى من بين أسنانها بغيظ
ما تروح تشتغلها أنت!
واصل مصطنعا قلة الحيلة
صاحب الشغل
عايز واحدة مش واحد ياريت كان ينفع أنا.
حينها تدخلت والدتها قائلة بخفوت محاولة اقناعها بصوت خفيض
ما تروحي يا ليلى مش هيچرى حاچة وبعد كدا لو ماحبتيش يابتي جولي مش هعرف أكمل بس روحي الله يرضى عنك واتجي شره مش ناجصين مشاكل.
تأففت ليلى بصوت مسموع تكره سلبية والدتها التي تكون ضدها في معظم الأوقات وتضغط عليها فقط لأجل تلاشي المشاكل لم تكن تعلم أنها تدفعها بجهالة لوكر المشاكل!
وبالفعل ذهبت ليلى مع هاشم لبناية حيث يفترض أن