اوتار القلب منال سالم
تجيش جمب هالة
ردت نافية ومدافعة عن نفسها فورا
والله يا باشا ما عملتلها حاجة دي هي اللي انطست في نافوخه
هدر بها بصوته الجهوري الذي جعلها تقفز من مكانها لترتد خطوة أخرى للخلف
ومين خلاها تعمل كده
أجابته بتلعثم مرتبك وهي توضح كذلك بكفها
مش أنا.. ده المخفي على عينه منسي وأهوو غار في داهية والبوليس مسكه و...
بدت مبرراتها كالعادة إلقاء اللوم والذنب على الآخرين لتنفي التهم عن نفسها متناسية عن قصد أن ما مرت به ابنتها كانت هي سببا أساسيا فيه استفزه ادعائها للبراءة لذا قاطعها متابعا بلهجته القاسېة ومهددا بسبابته
ارتعدت فرائصها من تهديده الصريح شحب لون وجهها وهي تسترق قلبه
يا باشا إنت ظالمني ده أنا أمها محدش هيخاف عليها زيي
نظر لها شزرا وهو يعقب ساخطا
ردت عليه دون تفكير لتظهر على حقيقتها
هي اللي عملت ده من نفسها عشان تفضحنا بزيادة أل يعني كنا ناقصين!
ده أنا فرشالها الأرض رمل وقايدة صوابعي العشرة شمع عشانها وفوق ده كله وباستمنلها الرضا ترضى.
اشتعلت نظراته أكثر ومع صمته المتعمد ليدفعها دون أن تشعر للاسترسال والبوح لتزداد أخطائها مصمصت أم بطة شفتيها لتضيف باستنكار
ده مافيش أم زيي والمفروض يعني هي اللي تراضيني وتجري عليا ده بيقولوا الجنة تحت رجلي و...
ولا كلمة زيادة!!!
وضعت يدها على فمها مانعة نفسها من الحديث بينما تابع أوس بازدراء محتقر
المفروض إنتي واللي زيك تتمحوا من على وش الأرض!
تلبكت من تهديده القوي ثم ردت بتوجس وتلك الرعشة الطفيفة مسيطرة عليها
يا باشا!
أكمل تعنيفه القاسې يهاجمها
ردت عليه بخنوع مجبر
اللي إنت شايفة صح اعمله يا باشا هو حد يقدر يعارضك
وقبل أن يوبخها بالمزيد من الكلام الموجع اقټحمت بطة المنزل صاړخة باسمه ليلتفت نحوها
أوس باشا!
وقفت قبالته تستجديه بتلهف
الله يكرمك طمني على أختي.
تجمدت نظراتها المتمعنة في وجهها قائلا لها
سألته بعاطفة صادقة وتلهف حقيقي
عاوزة أشوف هالة هي فين
رد باقتضاب وهو يشيح بوجهه للجانب
في أمان
استعطفته بإلحاح وهي تدور حوله لتقف قبالته
طب بالله عليك تخليني أشوفها من ساعها ما الإسعاف خدها من هنا وهي ولا حس ولا خبر وأنا هاتهبل عليها.
تأمل لهفتها الواضحة بنظرات دقيقة متفرسة فيها بدت بالفعل تهتم لأمر أختها وليست كوالدتها تدعي ذلك لذا بعد تفكير متأن رد عليها
أثلجت جملته الأخيرة قلبها وأحست بالارتياح يتخلل صدرها الملتاع شوقا لشقيقتها شكرته بامتنان مضاعف
الله يكرمك يا باشا ويباركلك في تقى وبنتك.
ظنت أن الفرصة مواتية لتستغل موافقته مدعية اهتمامها بابنتها اختبأت أم بطة خلف بكريتها ترجوه بعينين
منكسرتين وصوت مهزوم
وأنا عاوزة أجي معاها ينوبك ثواب يا باشا ماتحرمني من ضنايا ده غيابها مقطع في قلبي.
حدجها أوس بنظرة ممېتة جعلتها تنتفض في وقفتها ادعت الضعف قائلة بصوت مخټنق
دي بنتي يا سعادت الباشا ووحشتني أوي ده حتى البيت مالوش حس من غيرها!
وقبل أن يفكر في رفض رجائها الزائف تدخلت بطة لتقنعه مؤكدة
اطمن يا باشا أنا رجلي على رجلها ومش هاسيبها تستفرض بيها ولو مش مصدقني ابعت معانا اللي يخليك تطمن إننا مش هنأذيها دي هالة أختي وهي بردك أمها
نظر لها بغموض فاستشعرت بدرجة كبيرة احتمالية رفضه لتوسلاتها لكنه خيب ظنونها الواهية قائلا بلهجة جادة للغاية ومحذرة في نفس الآن
على مسئوليتك
أومأت برأسها مؤكدة
برقبتي يا باشا
أشار بكفه مكملا بصيغته الآمرة
جهزوا نفسكم والعربية هتجيلكم كمان شوية
شكرا يا باشا
تركهما في منزلهما واستدار منصرفا من حيث جاء تنفست بطة الصعداء وحمدت الله كثيرا لكونه كان مرنا متفهما وليس كسابق عهده متشددا قاسېا وإلا لما رأوا منه إلا وجهه الشرير.
.....................................................
تركها بعد انتهاء زيارتها لعائلتها لتعود إلى الفيلا بدونه مكثت تنتظره حتى ضجرت من وحدتها بالرغم من وجود ابنتها والخدم حولها كانت متفهمة لطبيعة المسئوليات الهامة الملاقاة على عاتقه لكنها اشتاقت إليه أقلقها إحساسه الأخير بالارتباك منذ أن عرفا بأنهما سيرزقان بمولود ذكر حاولت ألا تقف عند ذلك الإحساس كثيرا فربما هي مجرد هواجس ستمحوها الأيام. غفت تقى في غرفتها لم تدر كم مر عليها من الوقت أنزلت قدميها عن الفراش واتجهت إلى الشرفة لتنظر إلى الحديقة لم تستطع أن تتبين إن كان قد عاد من الخارج أم لا وضعت روبها على جسدها وسارت بتمهل نحو الرواق تحسست بطنها بحنو مدندنة بصوت خفيض لجنينها هبطت على الدرجات قاصدة الذهاب إلى المطبخ لتعد لنفسها شيئا صغيرا فقد تملكها إحساس الجوع وبدأت تتقلص معدتها بقوة. ولجت إلى المطبخ غير منتبهة للظل الذي يجلس عند حافة الطاولة الرخامية التي تنتصفه ضغطت على زر الإنارة واتجهت لدولاب الأكواب المكان كان ضلمة و..
رد مبتسما في هدوء
محصلش حاجة المهم إنتي كويسة
أومأت برأسها قائلة بعد زفير طويل
أيوه
للحظة دار في خلدها ذكرى مشهد مماثل لذاك الحاډث ڼصب عينيها حينما انفرد بها أوس بمطبخ قصر عائلته ليهددها بقساوة توقف القلوب تغير المكان واختلفت الطباع وبات المستحيل ممكنا ووقع الذئب في حب الحمل أخفت ابتسامة ساخرة على تلك الذكرى الموجعة كانت تلوح على ثغرها أفاقت من خضتها المؤقتة وتجمدت عيناها على وجهه الجاد ثم سألته وقد انعقد ما بين حاجبيها باستغراب قوي
إنت كنت بتعمل هنا إيه
رد ببساطة
كنت محتاج أشرب قهوة.
ضاقت عيناها متابعة أسئلتها
مافيش حاجة شوية مشاغل!
رفضت تركه بل إنها سحبته من كف يده نحو الطاولة وبعيدا عن الفوضى القابعة على الأرضية ليجلسا سويا طالعتها بنظراتها القلقة المهتمة قبل أن تقول له وهي تداعب طرف ذقنه بأناملها
حبيبي أنا حاسة بيك وعارفة أد إيه إنت مضغوط وشايل كل هموم الدنيا فوق راسك بس بلاش تحمل نفسك اللي متقدرش عليه
أمسك بأصابعها قائلا بجدية
تقى خليكي إنتي مرتاحة ومتفكريش أنا عارف أتصرف كويس
ردت عليه ببسمة رقيقة
أنا مش بأقلل من قدرتك..
تأملت ردة فعله بقليل من الحذر ثم تابعت وهي تحتفظ بنفس الابتسامة الناعمة
بس حقيقي إنت صعبان عليا أنا مابقتش بأشوفك زي الأول بقيت مشغول عني وحتى الوقت اللي كنا فيه سوا ولوحدنا وبعيد عن المشاكل لاقينها بتجري ورانا
نفخ بصوت مسموع ليعقب بعدها بوجهه الممتعض
ما هو ده مش بإيدي
وماينفعش أسكت أو ماردش!
مدت تقى يدها لتلتقط كفه احتضنته بين راحتيها الناعمتين أسبلت عينيها نحوه تقول له
أنا خاېفة عليك
تصنع أوس الابتسام معلقا عليها
عارف ده وبأطمنك
ثم قام بتغيير حوارهما لأمر آخر فسألها
بابتسامة صغيرة
ها بتعرفي تعملي قهوة ولا أنادي عفاف
تصنعت العبوس قبل أن ترد بزهو متفاخر
عيب عليك ده أنا شاطرة ولهلوبة في الطبيخ وعمايل القهوة
فرك جبينه قائلا بتحد
وريني
نهضت من جواره لتتجه نحو الموقد أشعلته بعد أن أحضرت الكنكة التي وضعت بها الماء راقبها أوس وهي منهمكة في إعداد قهوته مركزا كامل عينيه عليها ثم أضاف قائلا ببسمة بلهاء
تصدقي.. مجاتش فرصة أدوق الأكل من إيديكي.
استدارت برأسها نصف استدارة لترمقه بنظرات مشرقة ووجه بشوش وهي ترد
طب من هنا ورايح أنا اللي هاطبخلك
تحمس لاقتراحها قائلا
وأنا موافق تجربي فيا
مش هتندم أنا طباخة بريمو
على فكرة كده ماينفعش القهوة هتفور!
رد غير مبال ودقات قلبه تخفق بقوة
مش مهم هنعمل غيرها.
قاطعها بصوت يكاد يكون مسموعا ويحمل الټهديد القاسې في طياته
حد بس يفكر يقاطعنا وهايشوف أنا هاعمل فيه إيه
عاتبته بغنج مثير
آخ منك
أغلق الموقد وأدارها نحوه نظرت له برومانسية حالمة وبادلها نظرات أكثر شغفا سألته بدلال محبب إليه
ها فكرت تسمي ابننا اللي جاي إيه
أجابها بزفير بطيء
لسه.. سايبها لوقتها.
علقت عليه بتفاؤل
على رأي بابا العيل بينزل واسمه مكتوب عند اللي خلقه
الشقية تجوب ملامحها المشوقة
ربنا يقومك بالسلامة الأول.
عضت على شفتها السفلى مرددة
بتحبيني
أجابته بصوت خفيض للغاية وبأنفاس شبه متقطعة
أنا معرفتش فبالرغم مما عانته إلا أن أحضان والدتها وتلهف شقيقتها عليها كانا كفيلين بتخفيف إحساسها بالوحدة والغربة. هي لا تنكر أنها تتلقى كامل أنواع الرعاية والاهتمام هنا بل أكثر مما كانت قد تحلم به في حياتها لكن لا يغني ذلك عن سعادتها بوجود عائلتها إلى جوارها الغريب في تلك الزيارة أن والدتها لم تتطرق أبدا لموضوع القميء منسي وتلقي اللوم عليها كانت على عكس طبيعتها أكثر لطافة وأكثر حنوا عليها. ابتسمت هالة في تلقائية مستعيدة ذلك الإحساس الجميل الذي افتقدته كثيرا بحنان الأم وعاطفتها الجياشة. سمعت دقات خفيفة على باب غرفتها فهتفت عاليا
اتفضل!
اعتقدت في نفسها أن القادم هي الممرضة لتناولها الدواء وتتفقد أحوالها لذا لم تستدر نحوها وظلت جالسة في مكانها بالشرفة تتطلع إلى الحديقة الغناء بورودها وخضرتها المبهجة حانت منها التفاتة صغيرة جانبية لتتفاجأ به واقفا على أعتاب الشرفة ومستندا بظهره على الحائل الخشبي وفي يده باقة من الزهور البيضاء. هبت واقفة والدهشة المصډومة تعلو ملامحها ابتلعت ريقها مرددة
إنت تاني
رد عليها يامن بابتسامة صغيرة عذبة
أيوه
تصنعت العبوس لتبدو أكثر جدية معه وهي تقول له
مش شايف إن اللي بتعمله ده بقى بايخ أوي المفروض...
قاطعها مبتسما في نعومة
شكلك حلو النهاردة
توردت بشرتها على الفور وكأنه قد ضغط على زر إشعال الدموية بها ارتبكت من غزله العفيف وكتفت ساعديها أمام صدرها مدعية تجاهلها لمقولته الأخيرة لكنها لم تفلح ظهر التأثر جليا عليها اضطرت أن تشيح بوجهها بعيدا عن نظراته التي تراقب إيماءاتها المرتبكة لتبدو أكثر جدية قصدت الاتجاه نحو باب الشرفة وهي توبخه
ماينفعش اللي بتعمله ده احنا هنا في مستشفى والمفروض أنا أخدة راحتي هنا
تقدمت خطوتين للأمام لكن ما لبثت أن ارتدت للخلف وقد انتفض كامل جسدها حينما اعترض يامن طريقها ليبقيها محتجزة معه في الشرفة طالعها بنظرات رومانسية للغاية قائلا لها
بأحبك!
تدلى فكها للأسفل وخفق قلبها بقوة حتى كاد صوت دقاته يصم أذنيها من فرط قوته تلعثمت وارتبكت وهي تردد في غير تصديق
إنت .. إنت بتقول إيه
بدا أكثر ارتياحا عنها وهو يسترسل بتلقائية
مش عارف إزاي ده حصل بس أنا بأحبك وخلاص!
تضاعف ارتباكها المحير وعجزت عن الرد عليه في ظل حصاره الموتر لها ڼهرته بصوت كان شبه مهزوز
مايصحش الكلام ده!
تحفزت لتتحرك من جديد وتتجاوزه لكنه فرد ذراعه أمامها ليثبط محاولتها الفاشلة للمرور أجبرها على البقاء حبيسة الشرفة ليقول لها بعتاب المحبين
على فكرة أنا مقولتش حاجة غلط أنا بأحبك ودي حقيقة حتى لو مش عاوزة تسمعيني
ارتفع الضجيج بداخل صدرها من قوة مشاعرها التي تحفزت مع اعترافاته الجريئة بدا جمودها زائفا توسلته بعينين تتحاشان النظر نحوه
من فضلك امشي.
استمتع للغاية برؤيتها مرتبكة خجلة بشرتها تشع بدموية مفعمة بالحياة تركزت نظراته على ملامحها وكأنه يحفظها جيدا لتبقى