الخميس 28 نوفمبر 2024

اوتار القلب منال سالم

انت في الصفحة 19 من 27 صفحات

موقع أيام نيوز

محفورة في ذاكرته زادت جديتها فصاحت بارتباك يشوب

كلماتها
لو سمحت ماينفعش كده أنا.. بأكلمك بالذوق
أومأ برأسه قائلا لها وقد أبعد ذراعه
حاضر..
ثم اتسعت ابتسامته اللطيفة وهو يوصيها
خدي بالك من نفسك وأكيد هاجي أشوفك تاني
ردت بجفاء متجاهلة كم المشاعر الهائجة بداخل كيانها البشري
هاكون نايمة.. ده إن مامشيتش من هنا ورجعت بيتي.
وأنا مش هابعد عنك.
انخفضت نظراتها بل تكاد تكون قد أغمضت جفنيها لتتجنب عيناه الفاحصتان لها رجفة جفيفة انتابتها وهو يكمل بنفس العزم والإصرار
لأني معنتش خاېف من حاجة!
ابتلعت ريقها في حلقها الجاف وحاولت أن تضبط إيقاع تنفسها الذي خالف انتظامه وأصبح كالمكوك ينتفض علوا وهبوطا استند يامن بيده على الحائط ل
بس قبل ما أمشي عاوز أقولك حاجة مهمة..
أنا حكيت لابن عمي على كل حاجة!
كانت جملته غامضة محيرة مٹيرة للفضول فعصف برأسها عشرات التكهنات التي تؤدي كلها إلى نتيجة واحدة حاولت إنكارها بشدة ومع ذلك سألته بصوت يكاد يكون مسموعا عله ينفي ما خمنته
مش فهماك!
ظهرت ابتسامة نضرة على محياه وهو يجيبها بتفاخر
يعني هو عارف إني بأحبك.
هوى قلبها في قدميها وانفرجات شفتاها عن دهشة أعجب لم تتخيل أن يكون يامن بمثل تلك الجراءة ليفاتح صاحب الهيبة والسلطة في أمرهما المستحيل ببساطة وكأنه يفرض عليه الواقع أنكرت تصرفه المتهور قائلة في عدم تصديق وكل ذرة فيها تنتفض كما لو كانت قد أصيبت بصاعقة
إيه.. بتقول إيه مش معقول! إنت قولتله الكلام ده طب هايقول عني إيه أكيد أنا لفيت عليك و...
لمعت عيناه بوميض أحبه كثيرا لمجرد رؤيتها مرتبكة ومقاومة لبذرة الحب التي وجدت مكانها في قلبها دون أن تدري أنها اعترفت ضمنيا بمشاعرها نحوه تركها تهذي وتخربط في حديثها حتى انتهت لتجده محدقا بها بطريقة غريبة طمأنها عن غرور لا يليق إلا به وابتسامة نصر تعلو ثغره
مټخافيش.. هو كان مرحب على الآخر
حدقت فيه ببلاهة وانتصب في وقفته ليودعها بكلمات مؤكدة
هاجيلك تاني يا هالة إنتي مش هاتغيبي عن عينيا لحظة!
ده أكيد جنان.. مش معقول يكون قال للباشا كده!
تقلص صغير ضړب أسفل معدتها فأوقظها من غفلتها نهضت تقى عن الفراش لتتجه إلى الحمام حيث أفرغت ما في جوفها كان ما تمر به طبيعيا في تلك المرحلة من حملها حدقت في انعكاس وجهها المنتفخ قليلا في المرآة ابتسمت بتهكم للتغير الذي طرأ على ملامحها. انتهت من غسل وجهها لتعود إلى الغرفة وهي ترتجف قليلا فركت جانبي ذراعيها بكفيها الباردين لتبعث الدفء على نفسها همست واصطكاك أسنانها يكاد يكون مسموعا
أنا سقعانة أوي!
ضاعف من إحساسها بالبرودة جهاز المكيف الذي كان مضبوطا على درجة أقل ليساعد أوس على النوم سريعا حاولت ضبطت رجفتها لكنها لم تستطع اتجهت إلى الحجرة الجانبية التي كانت معدة لتكون خزانة للملابس لتبحث فيها عما يمكن أن ترتديه ليمد جسدها بالحرارة المفقودة كانت أغلب ثيابها المنزلية خفيفة وملائمة للأجواء الحميمية فيما عدا بعض القطع التي ضاقت عليها بسبب اكتسابها للوزن التفتت أنظارها نحو الجزء الخاص بزوجها وعفويا تشكل على ثغرها بسمة عريضة أطلت برأسها للخارج لتتأكد من نومه ثم عادت لتحدق في مجموعته المميزة من الماركات المختلفة. وقفت تقى أمام ثيابه تنتقي ما يلائمها تملكها إحساسا عظيما بالرضا بعد أن ارتدت سرواله الرياضي وتشيرتا بدا فضفاضا عليها من اللون الزيتي الداكن تأملت نفسها في المرآة المثبتة في الجانب كاتمة ضحكة لاهية تشكلت على وجهها أسرعت بالسير لتتدثر أسفل الغطاء وما هي إلا لحظات وتغلغل الدفء في جميع خلاياها لتنعم بنوم هانئ.
تململ أوس بجوارها ونظر لها بنصف عين أطبقت تقى على شفتيها بقوة كي لا ينكشف أمرها تيقن أنها تدعي النوم لكونها تبتسم اعتدل في رقدته ونظر لها متسائلا في فضول وهو يفرك رأسه
إنتي صاحية صح
أولته ظهرها ساحبة الغطاء عليها وهي ترد بصوت ثقيل
لأ
ضاقت عيناه باهتمام أكبر وقد لاحظ ما ترتديه انحنى برأسه نحوها ليسألها بصوت خفيض
إنتي لابسة هدومي يا تقى
ردت عليه بنبرة ناعسة
سبني أنام يا أوس شوية دماغي مصدعة و...
انفلتت منها شهقة حرجة حينما أزاح الغطاء كاملا ليكشف عن جسدها سألها بصوت رخيم
إيه ده
استدارت نحوه ترمقه بنظرة حادة وحاجباها معقودان كان وجهه جامد التعبيرات ونظراته إلى حد

ما غير مريحة هتفت قائلة له في عصبية وملامحها عابسة
أه لابسة هدومك فيها حاجة يعني ما أنا كنت سعقانة ومافيش حاجة جاية على مقاسي هاعمل إيه ملاقتش إلا دول ألبسهم!
أخفى شبح تلك الابتسامة العابثة التي تكافح للظهور على وجهه ارتدى قناع الجدية ليقول لها
استأذنتيني طيب
انفرجت شفتاها عن دهشة مصډومة من سؤاله الغريب زادت تعبيراتها تعقيدا وهي ترد عليه
إنت بتكلم جد
قال لها بجدية أكبر دون أدنى تغيير في نظراته نحوها
وده شكل حد بيهزر
ناداته باسمه ومازالت علامات الصدمة تعتليها
أوس!
أشار بعينيه يأمرها في جمود
تقى من فضلك اقلعي هدومي أنا مابحبش حد يلبسها
اغتاظت من أنانيته في التعامل وردت بغيظ وهي تضغط على أسنانها
بقى كده
هز رأسه قائلا
أيوه اقلعي!
رفعت تقى طرفي التيشرت الخاص به عن جسدها لتنزعه وبقيت أكمامه على ذراعيها متمتمة بضيق كبير
طب اتفضل ودي آخر مرة هاخد حاجة منك و...
مسح بعينين ماكرتين مفاتنها المغرية التي حفزته على الفور قيد معصميها بقبضتيه القويتين قائلا لها
اهدي!
نظرت له بعينين غاضبتين وهي تنفخ بزفير مزعوج خرجت ضحكات أوس الساخرة مجلجلة في الغرفة أدركت أنه كان يمازحها على طريقته العابثة فاستشاطت غيظا منه حاولت التحرر من قيده الإجباري صائحة بنبرة منفعلة
ابعد عني!
هزت كتفيها رافضة عرضه المغري
لأ أنا زعلانة منك
ضمھا إليه وغازلها بنظراته وكلماته الناعمة
حبيبتي مقدرش على زعلك
أشاحت بوجهها عنه لتقول بعبوس تام
بأكرهك مش طايقاك..
وضع إصبعيه أسفل ذقنها ليدير وجهها إليه نظر لها بعمق وهو يعقب على لغوها الفارغ متسائلا بنبرة أقرب للهمس
الكلام ده من ورا قلبك.
ارتجفت من طريقته في استدراجها لمسامحته ادعت الجمود وصاحت بصلابة
أوعى أنا عاوزة أقوم.
إنتي وقعتي تحت إيدي ومش بالساهل أسيبك!
لسه برضوه خاېف
أوس!
رفع عينيه إليها فبدا وجهها مشرقا وهي تكمل بتفاؤل
أنا متأكدة إنك هاتكون أحسن أب ليه
صمت ولم يعقب فأضافت بحماس وعيناها تشعان مرحا
عارف ليه عشان إنت بقيت واحد تاني خالص الكل بيحسدني عليه وبعدين إنت بتعامل حياة كملكة ومن وهي لسه في اللفة!
نشط حديثها خلايا عقله فشرد لوهلة متذكرا زيارته الأخيرة لطبيبه النفسي والذي شكى له مخاوفه من المولود القادم وتلك الهواجس التي تطارده ليل نهار بأن يكون نسخة أخرى عنه في صغره فيهمله ويقاسي في الكبر رنت كلمات الطبيب في أذنيه والتي قال فيها له ليعزز من ثقته في نفسه
شوف إنت دلوقتي بقيت بتقول بابا بعد ما كان على لسانك الدكتور مهاب وبس وده معناه إنك عرفت تتجاوز اللي عمله معاك ويحصل نوع من السلام الداخلي جواك فصدقني إنت هتقدر تتخطى الخۏف ده لأنه مالوش أساس من الصحة.
أفاق من سرحانه على صوتها المنادي له
يا أوس! إنت مش معايا خالص!
ابتسم لها قائلا في هدوء
معاكي يا حبيبتي
عضت على شفتها السفلى قبل أن تسأله بحذر وترقب
يعني إنت هاتحبه ..
اتسعت ابتسامته أكثر وهو يجيبها عن اقتناع ترسخ فيه
طبعا.. مش حتة مني ومنك
ارتمت في أحضانه لتقول له عن عشق كبير
بأحبك أوي
اتسخت ثيابه بعرقه وتلوثت بقطرات الډماء التي نزفها من أنفه وفكه ورغم سنه الكبير والإعياء الذي أصاب جسده وأنهكه لم يشفق عليه أحد فالأوامر كانت واضحة للغاية الضغط عليه بقسۏة لدفعه للإفشاء عما يخفيه من أسرار مهلكة لم يعبأ أحدهم بكونه المحامي المرموق ذو الصلات والمعارف الواسعة كان نكرة في أعينهم مقيدا في أحد المقاعد المعدنية القديمة. صال وجال وصړخ واستغاث ولكن لا حياة لمن تنادي الكل اتخذ موقف المشاهد إن لم يكن الجلاد هددهم نصيف تارة وأغراهم بالمال تارة أخرى ولكنه لم يحرك فيهم ساكنا مما استفزه أكثر وجعل أعصابه شبه المتماسكة ټنهار وعند اللحظة المناسبة أتى إليه من يخشى غضبته.
سحب أوس أحد المقاعد ليضعها في مواجهته ثم استند بقدمه عليه لتكون قبالة وجهه ليشعره بالاحتقار والازدراء طالعه نصيف بعينين مشتعلتين قبل أن يهدر بما تبقى فيه من قوة
مايصحش اللي بتعمله معايا ده يا باشا!
رمقه أوس بنظرة باردة خالية من أي نوع من التعاطف أو الشفقة في حين أكمل نصيف صراخه
أنا محامي وليا لي اسمي وسمعتي في السوق مش معنى إنك ابن موكلي الله يرحمه تبهدلني بالشكل ده
تركزت عيناه على وجهه ليقول له مهددا بقساوة
تيجي معايا دوغري هترتاح هتلف وتدور وتحور عليا مش هاتتعب إلا نفسك!
خارت قوى نصيف من المجهود المبذول الذي استنزفه على الأخير سأله بأنفاس واهنة
يا باشا إنت عايز مني إيه
أجابه بكلمة واحدة دون أن يهتز له جفن
ليان!
ارتفعت نبرته قليلا ليدافع عن نفسه نافيا أي اتهام عنه
وأنا قولت لسيادتك مليون مرة ماليش دعوة بيها ولا ....
هدر أوس مقاطعا بخشونة وبنبرة ټرعب الأبدان
تاني هتتعبني معاك الورق ده بالذات مكانش موجود إلا مع الدكتور مهاب وسره كله كان معاك!
أنكر بإصرار
وأنا عمري ما خونت الأمانة
رد عليه بتهكم وقد ركل المقعد بقدمه بعصبية شديدة
قالولك إني داقق عصافير في قفايا
ارتعد بدن نصيف من هيئته المرعبة ونظراته المخيفة التي أوحت له بأنه لن يتركه إلا چثة هامدة قبض أوس على فكه ضاغطا

بكل قوته على عظامه ليؤلمه خرجت آناته المتوجعة ترجوه أن يكف لكنه عمد إلى الفتك به خرج صوته مهددا بنبرة محتقنة
من الآخر كده وعشان نرتاح إنت مش هاتخرج من هنا إلا لو حكيت عن كل حاجة وأنا متأكد إنك قبضت التمن يا سعادت المحامي
انحشرت أنفاسه وهو يرد عليه متسائلا
تمن إيه
لكزه پعنف أسفل ذقنه ليوجعه وهو يرد بتشنج
هتسوق الغباوة عليا
سعل نصيف بشدة وهو يحاول جمع شتات ما تبقى من قوته توسله باستعطاف إذ ربما يرفق به
يا باشا.. ده أنا زي والدك
رمقه بنظرة دونية محتقرة له قبل أن يرد من بين شفتيه المضغوطتين
أبويا ماټ وادفن وشكلك هتحصله!!
شخصت أبصاره بعد كلماته المٹيرة للارتعاد ودق قلبه ړعبا انتفض متسائلا وقد تضاعف خوفه
إنت هتعمل إيه
أشهر أوس مسدسه في وجهه قائلا له بثبات أفزعه على الأخير
هاخلص عليك طالما وجودك زي عدمه ومتقلقش هاعملك ډفنة محترمة وسط الكلاب
هنا اڼهارت أعصابه ولم يعد قادرا على الاحتمال فصاح يتوسله بنواح
لالالا خلاص هاقول على كل حاجة
هز رأسه غير مبال وهو يرد
وأنا مش عاوز أعرف!
توسله نصيف برجاء أشد فحياته باتنسبيا
امشي يا مسجونة قدامي احنا مش في نادي يا روح أمك!
اشتعلت نظراتها من فظاظتها فڼهرتها بعصبية
إيه الكلام البيئة ده أنا بنت ناس و...
قاطعتها بصوتها الجاف وهي تنظر لها بتعال
كلكم بتقولوا كده وإنتو جايين من صفيحة الژبالة!
اغتاظت ناريمان أكثر من بشاعة كلماتها فأطبقت على شفتيها
18  19  20 

انت في الصفحة 19 من 27 صفحات