الإثنين 25 نوفمبر 2024

رجل الصمت

انت في الصفحة 6 من 48 صفحات

موقع أيام نيوز


طفلتها الشبه نائمة ...فاعترضت الممرضة وقالت _ لأ سيبي البنت هنا عشان ما تعملش صوت جوا وحد يشتكي من المرضى...بسرعة وتعالي... نظرت ليلى إلى ابنتها على ذراعيها وقالت برجاء ودموع _ بنتي زي ما أنت شايفة كده...مقدرش أسيبها لوحدها ... هزت الممرضة رأسها برفض وأسف _ في مرضى جوا مع والدك...مقدرش أجازف لو حابه تدخلي يبقى لوحدك ...أنا آسفة... امتلأت عين ليلى بالدموع والحيرة حتى بدأت الطفلة تدمع بأنين خاڤت بين ذراعيها...ربتت على ظهرها بحنان وقالت بهمس _ خليكي هنا يا حبيبتي ومش هغيب عنك.... تمسكت الطفلة بملابس أمها وبدأت تصيح وتبك بشدة..وضعتها ليلى على المقعد التي كانت تجلس عليه منذ لحظات وقلبها ينشق لبكاء صغيرتها...ولكن ما باليد حيلة. ربتت الممرضة على رأس الصغيرة ثم ذهبت لعملها مرة أخرى. دلفت ليلى للغرفة ووقع على ناظريها عدة أسرة لمرضى ...منهم المستيقظ بإعياء ومنهم التائه في نوم أو غيبوبة وتفصل بينهم ستائر زرقاء صافية اللون سميكة.. وقع نظرها على والدها المغمضة عينيه فتوجهت له في بكاء ولهفة....ارتعشت أصابعها وهي ترفعها على رأسه وتمررها بحنان وسقطت دموع عينيها على غطاء السرير الطبي وهي تقول _ أنت اللي باقيلي ....أقوى عشاني ما تسبنيش لوحدي ... وضعت يدها على فمها تكتم شهقاتها المعذبة الصاړخة بالدموع وهي تراه لا يستجيب لدموعها بادنى حركة.....ظلت تنظر له بحزن صامت حتى أتت الممرضة لتحذرها من البقاء.... استجابت ليلى لتحذير الممرضة وتوجها الاثنان نحو باب الخروج ...حتى سألت ليلى الممرضة بقلق ونظرة خائڤة _ هو ممكن تستنوا بس اسبوعين لحد ما ادبر فلوس وادفع مصاريف المستشفى أصل حد جالي من شوية وطلب مني أروح الحسابات... تنهدت پخوف ودموع طفرت من ضعفها وقلة حيلتها...تابعت _ والدي حالته ما تسمحش أن يتنقل تاني من المستشفى...المستشفى اللي روحتها امبارح قبل ما أجي هنا رفضوا استقباله...طب اعمل إيه واروح فين ولا أسيبه ېموت! أشفقت الممرضة على حالة ليلى وقالت بأسف _ بصراحة مش عارفة أفيدك لأني لسه جديدة هنا...بس أنصحك تروحي الإدارة وتتكلمي معاهم...لو ظروفك صعبة أوي ممكن يتساهلوا معاك .... قالت ليلى بعيون حمرا باكية يلتهب فيها الدمع _ ظروفي أصعب مما تتخيلي...أنا بعت بيتنا بسبب المستشفيات...يعني حتى أنا مش عارفة لو خرجت هروح فين ! أطرفت عينا الممرضة بظلال شفقة وأسى على حالة تلك المرأة ذات الرداء الأسود ....قالت بلطف _ طب عندي اقتراح يمكن يساعدك...ما تروحيش لحد...استني دكتور... قطع حديث الممرضة شهقة من فم ليلى عندما نظرت بالصدفة لمدخل الباب المفتوح ولم تجد أبنتها كما تركتها ! ركضت بالممر الخارجي تنظر بجميع الاتجاهات بقلب كاد يتوقف من الذعر...وصاحت _ بنتي فين ! ... ثم صاحت تنادي بجميع الاتجاهات پخوف شديد _ ريميه ! .... خرج من المصعد ذلك الوجيه بالطابق الثالث بتعابير وجهه الجليدية القاسېة....بعدما تعهد بنسيانها...ملأ قلبه من الذكريات قبل المغادرة نهائيا من براثنها الباقية... كفى ألم...كفى عڈاب...لما يظل على العهد بينما خانت أغلى ذكرى كانت بينهما! ليته رأى ذلك الكتاب منذ زمن! توجه إلى مكتبه بآخر الممر حتى أوقفه شيء وجعله شاخص البصر في صمت....! طفلة صغيرة تستند على الجدران ويبدو من ذراعها الممدود للأمام لتستكشف أي عثرة لتتفاداها أنها ...كفيفة ! ظل يتأملها في دقة قلب غريبة..هل بسبب حالتها هذه أم لشيء يجهله! مضى إليها برشاقة حتى وقفت الطفلة ووضعت أصبعها في فمها بملامح

عابسة ونظرات خوف عندما شعرت بخطوات تقترب. قال وجيه بصوت هادئ عادة لا يخرج بذلك الهدوء إلا مع المرضى _ بتعملي إيه هنا وجاية مع مين ! صدقت ظنونه عندما وجد الطفلة ترفع رأسها ذو الجديلة السوداء الطويلة على جسدها الصغير... وتنظر بعيدا بعض الشيء عن اتجاهه الصحيح...أجابت بصوت ضعيف به تهدج البكاء _ مع ماما ... انحنى لمستوى طولها القصير ..... ليسمع صوتها بشكل أوضح ولكن هزه شكل عينيها العسليتان المماثلة لعينان كعينان الريم... محفورتان بقلبه للأبد ...عميقة العينين بلونهما العسلي ذو البريق الأخاذ...تنهد بعمق ونفض تلك الخاطرة بالكاد... وقال بخشونة _ وفين مامتك ... ارتعشت ملامح الصغيرة وبكت عندما تذكرت ترك أمها لها
 

انت في الصفحة 6 من 48 صفحات