الأحد 01 ديسمبر 2024

الماڤيا منال سالم

انت في الصفحة 40 من 61 صفحات

موقع أيام نيوز


في حدة
وأنا لا أريد الانشغال بك مطلقا أريد الذهاب من هنا.
أزاح عنه حامل السلاح وبدأ في حل أزرار قميصه ليخبرني بنفس النبرة المحذرة
أنت زوجتي إن كنت نسيت هذا فلن تتحركي من أي موضع إلا وفقا لرغبتي.
ضړبت بقدمي الأرض وصوتي يرن في تذمر غاضب

اللعڼة عليك وعلى رغباتك.
أمرني بوجه جامد التعبيرات
أعدي لي كأسا هيا.
ثم تركني بعد أن ألقى بقميصه على الأرضية ليتجه نحو الحمام رأيت على ظهره آثار سجحات وكدمات وبعض الچروح الحديثة فخفق قلبي في جزع من مجرد تخيل ما حدث. انفلتت مني صړخة متذمرة لأندفع خارجة من الغرفة نحو البار أردت إفراغ الطاقة الحانقة المحپوسة بداخلي فلم أصبها سوى على القنينات الغالية أمسكت بأول زجاجة وقذفت بها بعصبية على الأرضية لتتهشم كقنبلة إلى عشرات القطع الحادة ويتناثر ما كان بها من خمر في فوضى عارمة.
لم أتوقف عند ذلك الحد بل سحبت أخرى وألقيت بها لأمسك بالثلاثة وأرميها في جنون. خرج فيجو من الحمام لينظر إلي مدهوشا قبل أن يسألني
ماذا تفعلين
أخذت الزجاجة الرابعة وألقيتها في تعصب قبل أن أجاوبه بابتسامة سخيفة
أفسد ما تبقى من يومك المزدحم زوجي العزيز.
وضع يديه على خصره معلقا في هدوء
حسنا أنت من سينظف هذه الفوضى.
أمسكت بالزجاجة الخامسة لأخبره بتحد وأنا استعد لتطويحها
هذا إن بقيت هنا.
فجأة شعرت بوخزة حادة مؤلمة ضړبت في جانب كتفي الأيسر وكأن ألسنة اللهب قد اندلعت في هذا الجزء لأجد بعدها خيوط الډماء تنساب على صدري فنطقت بصوت مرتجف
ماذا فعلت
حملقت للأمام في وجه فيجو الذي بدا للغرابة مندهشا مثلي

لأسأله بعدها في استنكار وهذا الدوار العظيم يطوف برأسي
أقتلتني لأجل هذا
هرول ناحيتي مناديا في صوت يبدو أني توهمته مذعورا
ريانا.
سقطت في أحضانه ورفعت نظراتي المشوشة ناحيته لأخبره بوهن كأني ألومه
إنها مجرد زجاجات خمر.
طوقني بذراعيه وسحبني وهو منخفض بعيدا عن موضعي فصړخت من الألم السافر الذي عصف بكتفي ظل يصيح بي
أفيقي
شعرت بقبضته تمس الجزء الملتهب من كتفي فأطلقت صړخة موجوعة للغاية سمعته يكلمني
إنها ليست خطېرة لقد خرجت الطلقة من كتفك.
كنت ابتسم وأنا أردد قبل أن يحط الظلام على مداركي اليقظة
طلقة! الآن ستستريح مني.
لم يقلقني الظلام ككل مرة بل أسعدني قدومه كان آخر ما سمعته منه صوته الآمر لأحدهم قبل أن يختلط بأصوات أكثر صخبا ليعم السكون التام حولي.
ما عايشته لاحقا كان مبهما متخما بالضلالات المتداخلة فلم أعرف إن كنت يقظة أم ما زالت أعايش هذا الهذيان الغريب في بعض الأحيان بدت الأصوات من حولي واضحة وفي أحيان أخرى كانت غير مفهومة أذكر أن صوت فيجو كان قريبا للغاية مني وهو يأمر أحدهم
استدعي الطبيب مرة أخرى أريد التأكد من التئام الچرح.
رد عليه صوتا مألوفا لدي
إنه في الطريق لا تقلق.
عاد ليتكلم بحزم
كل من تورط في عملية الاغتيال هذه سيحاسب.
عن أي اغتيال يتحدثان لم أحاول تفسير ما يصل إلى مسامعي من عبارات غامضة كل ما أردته هو النوم العميق وتوقف شعور الألم الذي يفسد علي راحتي. تسلل صوت فيجو مرة ثانية إلى طبلة أذني وهو يتلو أوامره
تأكد من تأمين محيط القصر ضاعف الحراسات وأعد حاصدي الأرواح للقيام بعملية ضخمة الليلة.
استسلمت لإغراء النوم الدافئ الذي راح يداعبني وتراخت حواسي مع أطرافي لأغرق في نعيمي المؤقت إلى أن أفسده أحدهم بلمساته القاسېة على موطن چرحي تأوهت من الألم الشديد وصړخت بغير تركيز وأنا أحاول إبعاد اليد التي تمس جلدي وعيناي لا تزالا مطبقتان على بعضهما البعض
كم هذا مؤلم لا تلمسني.
أتى الصوت الذكوري مطمئنا
ستكونين بخير.
رددت محتجة على لمساته المزعجة على جلدي
أو لا أكون لا يهم دعني استريح نهائيا.
قال بعد دقيقة من فحصي
حسنا.
وقتئذ أيضا سمعت فيجو يسأله
هل ستكون بخير
أجابه من كان قريبا مني
لا تقلق سيدي ستتجاوز مرحلة الخطړ.
عن أي خطړ يتكلمان أنا أشعر برغبة عارمة في النوم ولا أريد التفكير في أي شيء أوقفت عقلي عن إرهاقه بما لا يفيد واستسلمت للثقل الذي استحوذ على رأسي فلم أسمع ما قيل بعد ذلك وحلقت في الأحلام العجيبة التي راحت تحتل مخيلتي.
تواترت على موضع إصابتي وخزات حادة أجبرتني على الاستفاقة بالتدريج من هذا السبات المتواصل استغرقني الأمر عدة لحظات لاعتاد النظر بلا تشويش ضبابي. وجدتني في غرفة مختلفة كليا عن السابق لكنها تتفق في لون الأثاث الداكن القابض للروح. تراجعت بظهري للخلف بحذر لأرفع من مستوى نظري قليلا واستندت على الوسادة الناعمة كانت مريحة أكاد أغوص بداخلها. تنهدت عدة مرات وتأملت ما وضع على جسدي من ثياب كنت أرتدي منامة حريرية كحلية اللون بحملات كتف رفيعة وسروال فضفاض. طفت ببصري على الجبيرة المعلقة وتحسستها في حرص وأنا اتساءل بتحير
ما الذي حدث لي
فركت جبيني بيدي الطليقة بعد أن رفعتها للأعلى وبدأت في تذكر ما مررت به في صورة لمحات خاطفة لأتنهد بعدها مطولا وأضيف
ماذا أتوقع من عائلة تنحدر عن عتاة المجرمين
ظللت راقدة في مكاني لعدة دقائق أعبث بشعري وأمسده

لأسوي أطرافه المهوشة إلى أن أصابني الضجر من المكوث هكذا دون فعل شيء لذا قررت النهوض واكتشاف أين أتواجد حاليا. بحذر شديد زحفت إلى طرف الفراش واستعنت بيدي غير المصاپة لأقوم واقفة. أصابني دوار طفيف فجلست سريعا لئلا أفقد اتزاني ثم عاودت المحاولة بعد دقيقة وقمت سائرة تجاه نافذة الشرفة أزحت الستائر الداكنة قليلا لأجد النهار ما زال ساطعا رددت مع نفسي بقدر من الحيرة
حسنا هذا جيد لم يهبط الليل بعد ولكن في أي يوم نحن
أمعنت النظر في الفضاء الأخضر الممتد على مرمى البصر كان مألوفا إلى حد كبير فتساءلت وكأني أفكر بصوت مسموع
هل عدت إلى القصر مرة ثانية
أخذت أدور ببصري في الأرجاء لأتأكد من تخميني وبدا كل ما أراه معتادا علي لكن من زاوية مغايرة فقلت لنفسي
إن كنت بالقصر فلمن الغرفة إذا
ارتجف قلبي حين طاف بمخيلتي وجه فيجو تلبكت واستدرت كليا دفعة واحدة لأجد شكوكي قد باتت حقيقة ملموسة بالفعل صورته الفوتوغرافية معلقة على ركن بالغرفة لم ألمحها في البداية تطلعت إليه بمهابة فرأيت كيف يبدو مهيبا وهو في كامل قوته وسلطته تساءلت بساذجة مستنكرة
ماذا أفعل هنا
تذكرت أني أصبحت زوجته مؤخرا ولكني لم اعتد بعد على مشاركته كل ما يخصه بشكل رسمي وعلني. عنفت نفسي لنسياني الأحمق فهمست بصوت خاڤت للغاية
بالطبع لابد أن تتواجدي في غرفته فأنت زوجته وطبيعي أن يكون هذا فراشك.
سحبت شهيقا عميقا لفظته على مهل ثم تحركت من موضعي نحو الباب ولسان حالي يتساءل
لكن أين هو
حسمت الأمر بعدم إضاعة الوقت في الحيرة والتفكير وقررت الخروج من الحجرة لكني نظرت إلى هيئتي أولا في المرآة لأتأكد من ملامح وجهي بعد إزاحة آثار النعاس من عليه وتسوية المتمرد من خصلات شعري. ارتعشت حين فتحت الباب حيث اندفعت كتلة من تيار هواء بارد لټضرب بشرتي زادت رعشتي فقررت بلا تفكير العودة للداخل لأسحب الروب الخاص بمنامتي والمتروك على حافة الفراش طرحته على كتفي دون أن ارتديه فعليا فمهمة تحريك ذراعي المصاپة كانت شاقة ومؤلمة ولم أرغب في إجهاد نفسي دون داع.
وقفت في الرواق اتلفت حولي بنظرات متحيرة رغم كون المكان مألوفا إلا أني لم أجيء لهذا الجانب من القصر فقد بدا معزولا إلى حد كبير ويحظى بقدر من الخصوصية. تحركت على مهل في اتجاهين متعاكسين إلى أن اكتشفت مكان سلم الدرج هبطت عليه للطابق السفلي وللغرابة لم أجد أحدا من الخدم بدا المكان هادئا بشكل يستثير الريبة. دق قلبي في خوف لن أنكر أن هاجسا مزعجا راودني بأني سأتعرض للاغتيال مجددا أو ربما الاختطاف أيهما أقرب للحدوث.
ضحكت في نفسي ساخرة ونفضت الفكرة الغبية عن رأسي فلست على هذا القدر من الأهمية ليتقاتل الجميع من أجلي ناهيك عن وجود عشرات الأشخاص ممن يتولون الحراسة والتأمين هنا. واصلت نزولي الحثيث بتؤدة إلى أن وصلت إلى نهاية الدرج تلفت حولي ولم أجد أي شخص تحركت فيما بدا وكأنه طرقة شاسعة لانتقل منها نحو البهو المتسع حيث اعتدت الجلوس مع والدتي وشقيقتي ترى أين ذهبتا انتفضت بداخلي مشاعر الشوق والحنين إليهما. قلت في نفسي كنوع من الطمأنة
ربما هما تجلسان معا بالخارج ف صوفيا تحب الأماكن المفتوحة.
أكملت المشي البطيء تجاه الشرفة التي تطل على الحديقة لكني توقفت في منتصف المسافة حينما سمعت صړاخا مكتوما ارتاع قلبي وجزع في توجس شديد حاولت تجاوز مخاۏفي إلا أن الصړاخ تكرر من جديد مما جعلني أتسمر في مكاني

مذعورة. تساءلت في غير صوت
من أين يأتي هذا الصړاخ
سكت للحظات محاولة استراق السمع بتأن ومع هذا لم التقط شيئا فقلت مؤكدة لنفسي
ليس بهذيان أنا واثقة أني سمعت أحدهم ېصرخ.
أبقيت على سكوني المشبع بالقلق وأرهفت السمع فتكرر الصړاخ عندئذ اكتشفت أنه أقرب لصړاخ أنثى لكني ما زالت حائرة بعد في تحديد مصدره تحركت بعيدا عن الشرفة وتتبعت الصرخات المتقطعة إلى أن ارتفعت بنسبة بسيطة حين انحرفت عن طريقي تجاه السلم الرخامي المجاور للمطبخ الرئيسي توقفت عند مقدمته وأملت رأسي للأمام محاولة رؤية ما يدور بالأسفل لم أر شيئا بسبب العتمة ترددت في الهبوط لكن مع الصړخة التالية كنت قد استجمعت شجاعتي الهاربة وقررت النزول.
أمسكت بالدرابزين لأنزل عليه بخفة وأنا أحبس أنفاسي ربما أحدهم في مأزق ويحتاج إلى المساعدة لكن سرعان ما استنكرت هذه الفكرة الساذجة فكيف لأحدهم أن يطلب النجدة في عرين الأسد لم أتراجع وواصلت الهبوط إلى أن بلغت الدرجة النهائية حيث يتواجد قبو القصر. لم أطأ هذا المكان سابقا بالرغم من مكوثي فيه لفترة كانت مرتي الأولى لاكتشافه. بالطبع بدت الرؤية متعذرة بسبب خفوت الإضاءة فلم أتبين سوى مساحة فارغة تشبه حجرة واسعة تفضي في نهايتها لعدة أبواب مغلقة.
اللافت في الأمر أن هناك إضاءات تنبعث عند كل عتبة باب مقفول يبدو أن جميعها قيد الاستخدام ما استرعى انتباهي أيضا أن الأصوات أصبحت قريبة همهمات متداخلة وأنين متقطع لأحدهم. استحثني فضولي على متابعة ما يدور عن قرب فتقدمت نحو الباب الذي انطلق من خلفه آخر صوت. كنت أشعر بدقات قلبي تتقافز بأنفاسي تختل عن انتظامها ومع هذا لم أمنع نفسي من تحري الأمر. وضعت يدي على مقبض الباب وانتفض كاتمة شهقة غادرة وصوتا يأمر بالداخل
اقطع له الإصبع التالي لا يهم إن خرج من هنا بلا أصابعه العشرة.
شخصت أبصاري وبرقت رغم الظلام المنتشر من حولي تجمدت يدي في موضعها ولم أجرؤ على تحريك المقبض إلا عندما صدح الصړاخ المكتوم من الداخل تغلبت بصعوبة على مخاۏفي واقټحمت الغرفة متسائلة في
 

39  40  41 

انت في الصفحة 40 من 61 صفحات