ضبط وإحضار لمنال سالم
الأربعاء 18 ديسمبر 2024

ضبط وإحضار لمنال سالم

انت في الصفحة 75 من 89 صفحات

موقع أيام نيوز


تخطيط مسبق من شقيقه الأكبر بخلق أجواء مناسبة للاعتراف بمدى انجذابه إليها طلب عمر من رفيقه مساعدته في التودد إلى بهاء دون أن يثير الريبة فوافق الأخير على الفور لرغبته هو الآخر في الاقتراب من صديقتها وتوطيد صلته الجادة بها لهذا أخبره بدعوتهما إلى الحفلة الغنائية التي سبق له حجز تذاكرها والتأكد من حضورهما ليتمكن من البوح عما يكنه لها بعيدا عن محيط الدراسة. 

نفذ أمير ما طلب منه وتحين الفرصة التي بقيت فيها الاثنتان بمفردهما ليتمكن من إخبارهما بمسألة الحفلة فاستطرد في هدوء جاد
أنا معايا تذاكر VIP لحفلة في الأوبرا فيها مطربين من الفرقة العربية للموسيقى إيه رأيكم تحضروا فيها 
اعترضت عليه بسنت بنبرة مرتابة
حفلة! مش مرتاحة!
سألها وهذه النظرة المعاتبة تطل من حدقتيه
ليه بس
في اندفاع مملوء بالاتهام أجابته
أصل إنتو الحفلات عندكم بتقلب بانفجارات وخطڤ ورهاين وجو أكشن أنا صحتي معدتش أده.
ضحك على لطافتها معقبا
لا والله دي هتعجبك أوي وعلى ضمانتي.
ظلت أسيرة التردد لعدة لحظات لتحسم أمرها بسؤال رفيقتها
إيه رأيك يا بهاء
لم تكن الأخيرة ممانعة من الذهاب إلى هناك فأبدت ترحيبها
مافيش مشكلة بالنسبالي.
ليأتي تعقيب أمير صاډما للاثنتين
ما تيجي معانا يا سيادة الرائد الحفلة دي
في التو التفتتا ناظرتين للجانب حيث تواجد عمر قريبا من بهاء فتلبكت من حضوره وتحركت خطوة بعيدا عنه لتترك مسافة بينهما لكنه قلصها بتقدمه تجاهها جاعلا عيناه ترتكزان عليها فقط ادعى جهله بما يتحدث عنه رفيقه وسأله 
حفلة إيه
أجابه أمير بهدوء
بتاعة الموسيقى العربية.
هز رأسه مضيفا في استحسان
أها دول بيعملوا شغل عالي فيها.
أيده رفيقه في رأيه
جدا.
بنفس النبرة الثابتة أعلن عمر موافقته على التواجد بها
معنديش مانع.
انتهزت بسنت الفرصة لتتعلق بذراع رفيقتها وهمست لها في أذنها بمرح
مش قولتلك هيدور على أي حجة يشوفك بيها.
حاولت بهاء أن تخفي سعادتها وقالت بخجل
بس لأحسن يسمعنا.
مد عمر يده بباقة الورد إلى بهاء قائلا في نبرة جادة
اتفضلي دي علشانك.
فاجأها بذلك ورددت في غير تصديق
علشاني
راح أمير يقول في اعتزاز كأنما يدعمه
طبعا عمر باشا ما بيعملش كده مع أي حد ده أنا بتعلم منه أصول الذوق.
مالت بسنت على رفيقتها تهمس لها في عبثية
وتقوليلي مش مهتم!
انتشت بهاء للغاية من حركته تلك وأحست بتميزها معه لتنظر إليه حينما أشار بيده نحو شاشة العرض المعلقة على أحد أركان قاعة الاحتفال قائلا
الفيديو بتاع التدريب هيتعرض أهوو.
اتجهوا بأعينهم ناحيته ليتابع موضحا لهم
مجمعين فيه لقطات مختلفة من كل حاجة شاركنا فيها.
قوست بسنت شفتيها لتهمهم لرفيقتها بخفوت
ده احنا شكلنا هيبقى هزوء أوي.
ردت عليها بهاء بنفس النبرة الخفيضة
واحنا كنا مبدعين فيه على الآخر.
عرضت لقطة ل بسنت وهي تفترش الأرضية بعد التدريب على فك الألغام فكانت تبدو كالخرقاء وبقع الطين تغطي وجهها وثيابها تحرجت للغاية من حالتها المزرية ورددت
ياختاي بصي على منظري.
رأت بهاء صورة لها وفمها مفتوح على اتساعه وكأنها توشك على ابتلاع وحش ما فخجلت هي الأخرى من هذه اللقطة لتبرطم بحرج
يادي الفضايح ده معبر مش بؤ!
ضمت غالبية الصور المعروضة لقطات عفوية لكافة الدارسين في مواضع متنوعة طوال فترة التدريب ضحكوا فيها على هيئتهم الطرفية إلى أن تبدلت هذه اللقطات إلى مشهد بعينه تم تسجيله بواسطة كاميرات المراقبة عرض من زاويا مختلفة لذلك الصدام السابق بين بهاء وعمر في النادي حينما التقت به أول مرة. للغرابة وضعت علامة تشويش على بسنت لتبدو غير ظاهرة فيه وكأن لا وجود لها من الأساس.
جمدت الصدمة تعابير وجه بهاء فحدقت بنظرات مصډومة مړتعبة لما يبث على مرأى ومسمع من الجميع
عبر شاشة العرض بينما تساءل أمير مستفهما بتحير
إيه ده كمان
انزعج عمر للغاية من قيام أحدهم بعرض ذلك علنا وكأنه يقصد ڤضحهما بشكل فج فصاح في استنكار جلي
هو إيه اللي بيحصل هنا
اعتلى الذهول والاستغراب أوجه الحاضرين وتحولت أنظارهم تجاه عمر وبهاء لتصبح علامات الاستفهام المريبة والتكهنات غير البريئة حولهما. انطفأت الشاشة وبدت بهاء في حالة من الړعب لتقوم رفيقتها بتهدئة روعها بقولها المهتز
أكيد ده مقلب سخيف.
وكأن أحدهم قد سكب دلوا من الماء البارد فوق رأسها تلفتت بهاء حولها في نظرات جمعت بين الحرج والخۏف وصوتها المرتعش يردد
أنا مش فاهمة حاجة! 
سمعت عمر يتوعد في حنق
اللي عمل كده هيتحاسب الحكايات دي مافيهاش هزار!
سرعان ما سطت الصدمة على وجوههم حينما ظهر أنس في مرمى بصرهم وعلى قسماته هذه النظرة الشامتة ليقول باسما في ابتسامة خبيثة للغاية
يا رب مفاجئتي تكون عجبتكم!
علم مسبقا بأن القيادة العليا تنتوي اختيار بعض المتميزين من ترشيحات الضباط للدارسين في كافة التدريبات المقامة على مستوى الأكاديمية للمشاركة في تدريب تفاعلي بالخارج فأراد أنس إفساد الفرصة عليها لاختيارها بعرض مشاجرتها السابقة مع عمر على الملأ خلال فقرة بث فيديو التدريب ليتم استبعادها على الفور إن فكر وقام بترشيحها.
استغل نفوذه وسطوته فطلب من القائم على تحرير الفيديو إدراج المشهد ضمن الصور المعروضة ليجعلها أولا في أوج حرجها وثانيا مثارا للجدال والسخرية وثالثا ليحقق انتقامه الأرعن منها !!
يتبع الفصل السادس عشر

الفصل السادس عشر

الفصل السادس عشر
بلا داع وجدت نفسها متورطة في ڤضيحة غريبة فحملقت بعينين تترقرق فيهما العبرات إلى أنس الذي بدا منتشيا على الأخير لرؤيتها على هذه الحالة المشينة. ابتسم لها بتشف وراحت نظرة متباهية تتراقص في عينيه لم تعرف ما الذي اقترفته في حقه ليعاملها بمثل هذا السوء! حتى أثناء مشاجرتها مع عمر لم تمسه بأي ضرر. دون أن تفكر مرتين أخبرت بهاء رفيقتها في صوت مخټنق بعدما تراجعت خطوتين للخلف
أنا ماشية.
أيدتها بسنت في رغبتها المنطقية هاتفة
وأنا جاية معاكي.
انسحبت كلتاهما في خجل وعلى الفور وكافة الأعين بجانب ألسن النميمة تتابعهما حتى خرجتا من قاعة الاحتفال تتسابقان في خطواتهما المهرولة.
في تلك الأثناء ظلت نظرات عمر الڼارية مصوبة تجاه رفيق السوء لم يأت في مخيلته أن يقدم على مثل هذه الفعلة الطائشة دون أن يكترث لتبعات جريرته اندفع تجاهه ليلومه في حنق مبرر
إنت عملت كده ليه
ببرود مغيظ أجابه
بخدمك يا صاحبي بدل ما السکينة سرقاك!
لولا أنه يمثل المظهر العام للانضباط العسكري أمام كافة الضيوف الحاضرين لهذا الاحتفال لأذاقه من اللكمات ما أعاد تشكيل ملامحه كليا. كز عمر على أسنانه مدمدما في ڠضب بالرغم من خفوت نبرته
إنت لا يمكن تكون صاحبي استحالة أقبل إنك تكون بالأخلاق دي.
زفر على مهل متحدثا بأسلوب شبه فج
يا باشا إنت مضحوك عليك من حتت بنت ماتسواش عملاك كوبري علشان تحقق غرضها وتلاقي العريس اللقطة اللي هيتجوزها.
بأنفاس حارة محتدة سأله وهو يكافح للسيطرة على أعصابه
وده يفرق معاك فيه إيه هو إنت المضرور
على نفس الوتيرة الباردة السقيمة خاطبه
احنا أصحاب ومش بت ... زي دي هتخسرنا بعض.
بالكاد منع نفسه من الانقضاض عليه والإمساك به من ياقته فضم أصابع يده في قبضة مشدودة هاتفا بنبرة مغلولة من بين أسنانه المضغوطة
اخرس ماتجيبش سيرتها بحرف!
رفع أنس كفه المبسوط ليضعه على كتفه قائلا في صوت هادئ مستفز
اسمع مني ..
توقف في منتصف جملته عندما جاء القائد متحفزا ليقوم بتوبيخ الاثنين
إيه اللي بيحصل هنا وإيه المهزلة دي
حاول أنس اختلاق الأعذار فاستطرد بعد حمحمة سريعة
يا فندم الحكاية وما فيها...
قاطعه بلهجته الصارمة وكف يده مرفوع أمام وجهه
مش عايز أسمع مبررات الكل متحول على التحقيق واللي غلط هيتحاسب مهما كان مين!
نكس عمر رأسه في حرج فتابع القائد أوامره الصارمة عليهما
اتفضلوا معايا على المكتب.
خفضت وجهها في خجل طاغ على كل قسماتها وهي تهرول راكضة في الرواق باحثة عن أقرب مخرج لتغادر الأكاديمية في الحال وشعورها بالخزي متعمق فيها. لم تتوقع على أي حال أن تتعرض لذلك الموقف المبتذل فإهانة كتلك ستجعل الجميع يلوكون سمعتها كالعلكة. مضت بسنت معها وواصلت اللحاق بها وهي تستجديها برجاء مستشعرة قلة الحيلة المستحوذة عليها لعدم تمكنها من ردع ذلك السمج وإلزامه حده
ماتعيطيش يا بيبو قلبي بيتقطع علشانك.
حينما أصبحت بعيدة عن الأعين المراقبة لها تركت العنان لدموعها الحبيسة لتنساب على وجنتيها وهي تشتكي إليها في قهر
أنا مش عارفة هو بيعمل فيا كده ليه
ردت عليها بسنت بضيق وقد دفعت الباب الزجاجي لتصبح خارج المبنى
ده إنسان حقود قلبه أسود.
كفكفت بهاء بمنديلها الورقي ما بلل وجهها واستمرت تقول في أسى
أنا ما عمريش اتعرضتله بحاجة وحتى مشكلتي مكانتش معاه أصلا وهو طول الوقت حاططني في دماغه.
في شيء من الحيرة رددت بسنت
تصرفه ده أكيد وراه حاجة ومسيرنا هنعرفها.
تنفست بهاء بعمق لتخنق نوبة البكاء المسيطرة عليها فحاوطتها رفيقتها من كتفيها لتستحثها على السير معها خارج أسوار الأكاديمية وهي تخاطبها بنبرة ودودة متعاطفة
ولا تزعلي يا حبيبتي
 

74  75  76 

انت في الصفحة 75 من 89 صفحات