ضبط وإحضار لمنال سالم
السيدة نهيرة في حبور لأنه أخيرا قد تخلى عن فكرة العزوبية وربما عثر على ضالته المنشودة في إحداهن لهذا دعت له بصدق
ربنا يرزقك يا حبيبي ببنت الحلال اللي تستاهلك.
وكأن طيفها الرقيق قد تجسد أمامه ليحتل الفضاء الوهمي الذي لا يراه سواه ليجد نفسه يردد في رجاء كبير
يا رب.
...............................................
ثم أمعنت النظر في ذراعها المعدني متسائلة بعبوس
وبعدين إيدي قصيرة أوي هيمسكوني إزاي منها
قفزت على طاولة المطبخ الرخامية في سعادة كبيرة عندما رأت زوجة عمها قادمة هللت تناديها
طنط فادية أهي.
حينما اقتربت منها الأخيرة أمرتها في حماس
هاتي السلك وادعكي كويس يا طنط.
راحت زوجة عمها تفرك وتدعك وتزيح البقايا الملتصقة عن كل جزء فيها حتى ظهر لمعانها لتخبرها بهاء بعدئذ بشيء من الشكوى
راقبتها وهي تضع سائل التنظيف اللزج على السلك المعدني قبل أن تقوم بمسح بدن وعائها الصغير من الداخل ليصبح أكثر لمعانا وبريقا وكأنه قطعة من المرآة. تباهت بمظهرها البراق قائلة
يا سلام والله بقى شكلي جميل وحلو.
انتشت حينما وجدت زوجة عمها تحملها لتضعها على الموقد وطلبت منها بسعادة عامرة
كانت تبتسم كالبلهاء وهي ترى بدنها في أبهى حلة وكأنها ابتاعتها للتو لتستفيق بعدها بهاء وهي مذهولة من حلمها هذه المرة. اعتدلت في رقدتها متسائلة بارتباك قلق
يا ترى هيحصل فيا بعد كده إيه!!!
بعد مكالمة غير مريحة تلقاها منها قبل يومين التقى بها في هذا المطعم المعزول عن زحام المدينة ليعرف منها سبب إصرارها على مقابلته بالرغم من القطيعة بينهما. أتت ميرا على الموعد المحدد فسارت في غنج ودلال لتتجه إلى الطاولة المحجوزة مسبقا حيث يجلس أنس عليها. استقرت جالسة في مواجهته لتتفاجأ بجفاء معاملته وبروده تفرست في ملامحه ورأت ما تبقى من آثار التورم أسفل عينه كانت غير قادرة على منع نفسها من الابتسام وسؤاله
أعطاها نظرة مفاداها أنه لا يقبل المزاح في هذه المسألة تحت أي ظرف ليقول في غلظة
إنتي طلبتي تقابليني علشان تستخفي نفسك معايا
بسمة من العنجهية والتعالي أجابته
أكيد لأ.
وضع أنس ساقه فوق الأخرى متسائلا بنفور
خير عايزة إيه
تنهدت هاتفة في هدوء مريب
أقولك على حاجة مهمة بس لما نشرب حاجة الأول.
نقر بأصابعه على سطح الطاولة في تعصب ملحوظ ليأمرها بغير صبر وهو يدعي انشغاله بالنظر إلى شاشة هاتفه المحمول
مش عايز معنديش وقت أضيعه.
قالت باقتضاب بعدما أرجعت ظهرها للخلف كأنما تستعد للتمهيد لما هو قادم
أوكي.
بدت نظرتها في هذه اللحظة قاتمة قاسېة مغلفة بكل أنواع الشرور وهي تدعي كڈبا وبلا وجه حق
أنا عايزاك تعرف إن اللي بوظ كل
حاجة كانت بينا هي .. صاحبتي بهاء!!
يتبع الفصل الحادي عشر
الفصل الحادي عشر
مستخدمة أسلوب الثعالب الماكر أجادت صياغة أكاذيبها الملتوية لتدفعه لتصديقها فيظن أنها ضحېة مکيدة غيرة من رفيقتها اللعوب وغير السوية. بدا أنس غير مقتنع بما تفوه به وظل يحدق بها مليا بنظراته الغامضة قبل أن يشكك في كلامها متسائلا
وإيه اللي يخليها تعمل كده
وكأنها لم تعرف معنى الصداقة الحقيقية يوما فأخبرته ميرا بنبرة رزينة هادئة ومزيفة للواقع
هي بتغير مني لأني أحسن منها في كل حاجة وحبت توقع بينا باعتبار إنك صيدة حلوة.
ضيق عينيه مرددا في استنكار
صيدة!
أكدت له بخبث أكبر
أيوه عريس لقطة هيعملها كل حاجة وهتاخد من وراه النفوذ والمركز.
لوهلة رفض الانسياق وراء كذبها واستطرد بخشونة
وده مقلب جديد عبيط علشان أصدق ده!
للغرابة بدت ثابتة على موقفها لتوحي إليه بأن ما حدث قد تم بالفعل فعلقت بهدوء شديد جعل بذور الشك تبزغ أكثر بداخله
عايز تصدق أو لأ فده يرجعلك أنا حبيت أعرفك وبس وإنت حر في تصرفك...
ثم ادعت جمعها لأشيائها لتنهض واقفة متابعة كلامها المقتضب إليه
عن إذنك.
استوقفها بالنهوض هو الآخر ليردف مهددا
لو طلع كلامك ده بجد فأنا مش هعتقها.
منحته هذه النظرة اللئيمة قبل أن تخبئ عينيها خلف نظارتها الشمسية مرددة
وأنا أكيد مش هقلل من نفسي علشان حاجة كدب...
خفضت من نبرتها عن عمد ليبدو صوتها متأثرا عندما أتمت جملتها
أنا للأسف اكتشفت ده متأخر.
أشار لها بسبابته قائلا من بين أسنانه المضغوطة
همشي وراكي المرادي وأشوف.
ابتسمت له قائلة
أوكي...
همت بالتحرك لكنها تعمدت الالتفاف والنظر إليه مرة أخرى لتخبره بمزيد من الخبث
خلينا على اتصال.
ثم لوحت له بيدها لتودعه فتابعها بناظريه وهي ترحل بعيدا ليردد مع نفسه
شكلها هتحلو على الآخر!
أثناء مكالمتهما الهاتفية الممتدة لما يقرب من النصف الساعة للحديث عن ملخص يومهما والتعليق على المستجدات من الأمور وصل إلى كلتيهما إشعارا بوجود رسالة بريد إلكترونية فتحتها بسنت أولا لتقرأها بصوت مسموع
ده إيميل مبعوت باليوم الترفيهي هيعملوه في نادي الرماية.
حكت بهاء طرف أنفها قائلة بعدم اكتراث
مش مهم حاجة مش ضروري أوي.
هتفت بسنت فجأة بصوت متحمس اخترق طبلة أذن رفيقتها
طب ما تيجي نجرب ونروح ونعيش الأجواء هناك.
ردت عليها بشيء من الانتقاد
مش إنتي يا بنتي لسه قايلة إنك خاېفة يخلصوا عليكي!
افتعلت الضحك وقالت مبررة
ده كان وقت ساعته لحظة شيطان خلينا نشوف هيروقوا علينا إزاي مش هنخسر حاجة وبعدين ده معمول في نادي الرماية وده من أفضل النوادي يعني.
تنهدت بهاء ببطء لترد بعدها في استسلام
ماشي علشان خاطرك بس.
امتدحت دعمها لها بهاتفها الصاخب
حبيبتي يا بيبو.
انتقلت كلتاهما بعدئذ للحديث عن كيفية الاستعداد لتمضية هذا اليوم والاستمتاع بالبرنامج المعروض فيه.
استحب الحضور في مثل هذه المناسبات الاجتماعية بملابس مريحة وغير رسمية فاتفقت بهاء مع رفيقتها على ارتداء ثياب كاجوال تجمع بين اللونين البيج الفاتح والأبيض ليتمكنا من التحرك بأريحية وأيضا للاندماج بين الآخرين بسلاسة ويسر. ولجت الاثنتان إلى داخل النادي بعدما صفت بسنت سيارتها في منطقة انتظار السيارات الملحقة به بدا المكان مهيئا لاستقبال الزوار منذ لحظة الدخول حيث اصطف بعض الأفراد العسكريين في زي مدني للترحيب بالطلاب والدارسين في الأكاديمية.
ابتهجت بسنت لرؤية حفاوة الاستقبال الدافئ ومالت على رفيقتها تخبرها
كان هيفوتنا كتير لو مكوناش جينا.
ردت عليها بحذر وهي تطوف ببصرها في الأجواء
احنا لسه في البداية الله أعلم هيحصل إيه بعد كده.
تمسكت صديقتها برأيها الإيجابي هاتفة بنفس الروح المفعمة بالحيوية
الحاجة الحلوة بتبان من أولها وأنا متأكدة إننا هنتبسط.
سارت كلتاهما بإرشاد من الغير إلى حيث يجتمع المنتمين إلى الأكاديمية من أطقم الأساتذة والمحاضرين وأيضا الطلبة والدارسين. شعت