الأربعاء 27 نوفمبر 2024

ضبط وإحضار لمنال سالم

انت في الصفحة 29 من 89 صفحات

موقع أيام نيوز


بثقل جسدها على الأرضية الترابية وجلست تشكو في ألم
أنا مش حاسة لا بأعصابي ولا برجلي ولا بأي حتة في جسمي.
تطلعت إليها بهاء بلا تعليق ونظراتها تشيح في الفضاء فأكملت رفيقتها ندبها التعس
أنا عايزة أتستت وأقعد في البيت كار ال  Strong Independent Woman مش بتاعي.
كانت تتوق حقا إلى الاستلقاء والاسترخاء والاستحمام فجسمها بالكامل أصبح مغطى بالتراب وممزوج بالعرق شعرت بهاء وكأنها أشبه بمن تم دفنه أسفل الرمال للاستشفاء مع فارق أن ما يحدث الآن ليس نوعا من الاستجمام وإنما بدافع التدريب وهي رغما عنها مكلفة بإطاعة الأوامر. حينما غسلت وجهها بماء ذلك الصنبور البدائي المجاور للخيمات ورأت كم التراب الذي سقط عن بشرتها أدركت أنه لا داعي للنظر في المرآة لرؤية كيف صارت هيئتها بالطبع لم تكن في أجمل صورها نظرت بطرف عينها نحو بسنت حينما تذمرت وهي تفرغ معظم علبة مناديلها الورقية لتجفف به يديها المبتلتين

الواحد عايز يتصنفر من تاني علشان يشيل أطنان الطين اللي عليه.
بعدما استقامت واقفة ابتسمت بهاء معقبة عليها في سخرية
صحيح الواحد كان نفسه يعمل حمام مغربي بس مش للدرجادي ده أنا اتردمت ده ناقص يتحط علينا مونة ويرموا الأساسات.
ردت عليها صديقتها وهي تفرك بيدها فقرات عنقها المتيبسة
بجد الله يكون في عون اللي بيتدربوا كده أنا كام ساعة وهلكت.
قامت بهاء بتدليك ذراعها قليلا لتخفف من الألم الصارخ في عضلاتها المتعبة لتتحرك من مكانها قائلة 
مش عايزة مسكن
أجابت في شيء من التمني 
أه يا ريت لو معاكي.
راحت تقول وهي تشير بيدها
في واحد في الشنطة بتاعتي تعالي معايا أجيبهولك من خيمة البنات.
بدت ممتنة لوجوده معها وسارت كلتاهما تتأبطان ذراع بعضهما البعض نحو خيمة الشابات لتضيق فجأة عينا بهاء باسترابة وهي ترى التحام مجموعة من الشباب الحانق من مسافة لا
همهمت بسنت في تلقائية
شكلها خناقة.
ردت بهاء بتوجس
ما تخلينا نبعد.
أصرت على البقاء للمتابعة هاتفة بتصميم
استني أما نشوف هتخلص على إيه.
احتد الجدال أكثر وراح الشاب الآخر يرد بغلظة
وإنت يعني اللي بتفهم ما إنت تور الله في برسيمه.
في التو زادت حمئة الأول ونعته بلفظ ناب
تصدق إنك عيل ...!
جرحه لكرامته الرجولية وإهانته بهذا الشكل الڤاضح والفج جعلته يثور ڠضبا فأراد الاڼتقام ممن أساء إليه فھجم عليه بعداوة وشراسة ليلكمه في وجهه ليتحول الآخر لوحش حاقد ويرد له الصاع صاعين هنا صړخت بسنت في ذهول 
أوبا دول مسكوا في بعض!
لجأ الشابان للإمساك بكل ما تطاله أيديهما للتشابك في خشونة وحدة فالتقط أحدهما عصا خشبية ورفعها في الهواء ليضرب بها ظهر الآخر بقسۏة فأسرع الأخير بالتقاط قالب من الطوب ليقذفه ناحيته بقوة فانحنى ليتفاداه وحينما تجاوزه وصل كالقذيفة نحو المتفرجتين من مسافة عدة أمتار لتصرخ بسنت محذرة رفيقتها في ذعر 
حاسبي يا بيبو!
لم تتمكن بهاء من الابتعاد في اللحظة المناسبة عن موضع الخطړ فاصطدم القالب بساقها وأصابها بالألم الشديد لتصرخ من الۏجع القاسې
أي!
انحنت لتتفقد مكان الإصابة وإلى جانبها رفيقتها التي تحول فضولها إلى خوف في لمح البصر بينما ظهر عمر من العدم ومعه بضعة ممن يعملون تحت قيادته ليقوموا بفض هذا التلاحم البشري بقوة شديدة وصوته يرن في الأرجاء
في إيه إنت وهو!!!
نجح هو ومن معه في إبعاد الشباب المتشاحن وتساءل بصوت جهوري مزعوج للغاية 
إنتو فاكرين نفسكم فين
وقعت أنظاره على بهاء وبسنت فصارت عيناه قاسيتان حيث ظن باعتقاده الخاطئ أنها مشاجرة معتادة تخص معاكسة الفتيات للظفر بإعجابهن ولكونهما يقفان في وسط المشاحنة المحتدمة فأساء الفهم وفسر الموقف بشكل مغاير للحقيقة لهذا قرر التصرف فورا وبحزم فما كان منه إلا أن صب جام غضبه على كل الموجودين وهدر آمرا أحد رجاله بصيحة مجلجلة جاعلا من حوله يضطربون قلقا
هاتلي الشرطة العسكرية أوام وأمسك كل اللي واقفين هنا!
آنئذ تشبثت بسنت بذراع رفيقتها وكأنها تتخذها درعا بشريا لحمايتها لتردد في ذعر ونظرات الهلع تطل من عينيها
الحقي يا بهاء بيقولك الشرطة العسكرية احنا كده روحنا ورا الشمس.
اللجوء لذلك الحل
الصارم يعني التعرض لمشاكل جسمية ربما لن تنجو أيا منهما منها بسهولة لذا هتفت بهاء دون تفكير وهي تستحث رفيقتها على التراجع والفرار قبل فوات الأوان
تعالي نجري قبل ما يشوفنا.
تسمرت كلتاهما في موضعهما بفزع كبير عندما أتى صوته القوي من خلفهما بما تضمن الټهديد العلني
وهاتلي الجوز دول كمان بدل ما يتعملهم أمر ضبط وإحضار !!!!
يتبع الفصل السادس

 

 

الفصل السادس

الفصل السادس
في لمح البصر تحولت من ضحېة مجني عليها إلى مدانة ومتهمة بالمشاركة في إحداث الشغب بالمعسكر التدريبي جمدتها الصدمة وحين استوعبت ما يحدث وجدت عمر قد ابتعد عن محيط المكان وأفراد الشرطة العسكرية قد أحاطت بالجميع من كل اتجاه ليقوموا بعدها باقتياد أصحاب المشاجرة نحو المبنى الخاص بالضباط والقيادات العسكرية للتحقيق معهم. اعترضت بهاء على مسألة اعتقالها هي ورفيقتها بلا وجه حق ورفضت التحرك أو التجاوب مع أي منهم لتظل باقية في مكانها.
رفعت من نبرتها المستهجنة مدافعة بقوة عن موقفها البريء
احنا معملناش حاجة علشان نتاخد كده في الرجلين.
رد عليها الضابط العسكري في نبرة هادئة لكنها رسمية
يا أستاذة من فضلك تعالي معانا بلاش تصعبي الموضوع عليكي وعلينا.
تشبثت برأيها العنيد أكثر وهتفت بتصميم
اللي بيحصل ده فيه تعنت وظلم ومن حقنا ما نسكتش عنه.
تحير الضابط في شأنها وحاول التعامل مع عنادها بالحكمة وضبط النفس لإقناعها بالعدول عن قرارها فطلب منها بنفس الصوت الهادئ
تقدري تقولي كل الكلام ده في التحقيق يا أستاذة ولو صاحبة حق أكيد هيرجعلك.
توسلت بسنت إلى رفيقتها لتتراجع عن رأيها هامسة
بلاش معاندة يا بيبو الموضوع شكله جد مش هزار وخلينا نقول اللي حصل احنا كده كده مضطرين نروح معاهم.
تجهمت تعبيرات وجهها وهي تنظر تجاهها لتقول بعدما رضخت أمام رجاواتها البارزة في عينيها المرتاعتين
ماشي علشان خاطرك بس.
ابتسمت لها في امتنان لتتحرك الاثنتان بعدئذ في الطريق المؤدي إلى ذلك المبنى وبهاء تحاول جاهدة التحامل على نفسها وعدم إظهار تألمها من إصابة قدمها الموجعة لهذا كانت تعرج قليلا في خطواتها. التقطت عيناها وهي تسير تلك الكاميرات المعلقة في كل زاوية فتيقنت أن دليل براءتها لابد أن يكون مسجلا بالكامل. 
...............................................
بضعة درجات رخامية صعدتها على مهل حينما بلغت هذا المبنى وهي مستندة على ذراع رفيقتها نظرة خاطفة طافت بها على هيئة المبنى الخارجية كان مكونا من عدة طوابق ومطليا باللون البيج الفاقع مما أوحى لها أنه تم طلائه حديثا وعندما ولجت إلى بهو الاستقبال وجدته مرتبا ومنظما للغاية وفي كل ركن وضع أصيص من الزرع لإضفاء بعض الخضرة على المكان أما في جهة اليمين وجد مكتبا رخاميا للاستعلام وفي مواجهته تناثرت عدة مقاعد معدنية مخصصة للانتظار.
لم تتبين بهاء باقي التفاصيل حيث كان يعج بكل من تورط في المشاجرة دون أن يجرؤ أحدهم على الجلوس وكأنه تم حظر ذلك عليهم. انتبهت للضابط وهو يشير لها بيده نحو زاوية خاوية بها مقعد معدني مستطيل يسمح لثلاثة أفراد بالجلوس عليه. سارت نحوه وجلست ملاصقة لرفيقتها التي هتفت من فورها بصوت عبر عن خۏفها رغم خفوته
هو هيحصل فينا إيه
أجابتها بثقة مفرطة استمدتها من ثباتها الداخلي
ولا حاجة احنا مش طرف في المشكلة دي من الأساس.
ومع ذلك استمرت صديقتها تنوح في ندم
أنا حاسة إني عملت غلطة عمري لما اشتركت في الكورس ده كان فين مخي وأنا بوافق عليه
سئمت من تبرمها المزعج لذا نفخت في صبر نافد وأخبرتها بخفوت
بلاش ندب وإهدي.
لم تكف عن الشكوى فزادت في تحسر
ده احنا روحنا ورا الشمس يعني الحتة اللي محدش بيعرف يرجع منها تاني.
ڼهرتها مجددا في ضيق
اسكتي يا بسنت خليني أعرف أفكر.
بعدئذ خفضت بهاء من ذراعها لتتحسس موضع الألم في قصبة ساقها كانت بحاجة لوضع أي مادة مسكنة عليها وإلا لمنعها الۏجع القاسې من التحرك بسهولة فيما بعد. 
نفضة قوية نالت من جسد بسنت عندما جاء الضابط إليهما مرة ثانية ليقول
اتفضلوا الرائد عمر طالبكم جوا.
نهضت بهاء
 

28  29  30 

انت في الصفحة 29 من 89 صفحات