أمرأة العقاپ
الرؤية في الضوء بوضوح وصلت إلى الصالون ورأت أبيها يقف في الشرفة متكيء على السور بساعديه .. فاتسعت عيناها بذهول أشد وصاحت بفرحة غامرة
_ بابي
صك صوتها أذنيه فالټفت فورا للخلف بتلهف وباللحظة التالية فورا .. كانت هي تركض نحوه في سعادة حتى وصلت إليه فانحنى وحملها على ذراعيه وعاد يمطرها بوابل من قبلاته المشتاقة والحنونة بينما هي فهتفت بفرحة
ډفن وجهه بين شعرها يشم رائتحها التي تعيد لروحه الحياة من جديد ويهمس بصوت يحمل في طياته كل الشوق والحب الأبوي
_ وإنتي وحشتيني أوووووي ياهنايا
نظرت له بابتسامة عريضة فاتسعت هو الآخر ابتسامته على أثر ثغرها الجميل المبتسم وقال باهتمام وحب
_ عاملة إيه يا سلطانة بابي
ردت عليه بلطافة تسرق القلوب والعقول ثم سألت بحماس ووجه مشرق
_ هنرجع البيت !
عدنان بعدم تردد
_ طبعا ياروحي هنرجع بيتنا .. لا يمكن اسيبك تاني ولا ابعدك للحظة عني
_ وماما !
رفع نظره عن ابنته ونظر لجلنار التي تقف على مسافة منهم وتستند بكتفها على الحائط وتتابعهم مبتسمة بصفاء لكن سرعان ما اختفت ابتسامتها حين وقعت عيناه عليها .. بينما هو فهمس لابنته بنبرة تحمل المرح البسيط
التفتت هنا برأسها نحو أمها وارسلت لها ابتسامة مشرقة وسعيدة فبادلتها إياها جلنار بنظرات دافئة .
في صباح اليوم التالي .......
توقف آدم بسيارته في أحد المناطق الشعبية يدخلها للمرة الأولى .. ضغط على زر في باب السيارة ونزل الزجاج ليكشف له بوضوح عن طبيعة الحياة في هذه المنطقة .. أطفال يرتدون ملابس متسخة ويركضون ويلهون بعضهم ينحنى ويضم يده في الأرض ويملأ قبضته بالتراب ثم يقف ويليقها على قرينه الذي كانوا يلعبون مع بعضهم للتو وتشاجروا على شيء .. نساء تسير حاملة بيديها أكياس ومستلزمات منزلها من السوق .. ضجة وأزعاج رهيب بهذا المكان !! .
_ أيوة يا آدم أنت فين
آدم بنفاذ صبر
_
اوصف الزفت المكان كويس يازياد .. أنا شكلي توهت ودخلت في منطقة غلط !
قهقه صديقه بصوت مرتفع وقال
آدم بتحذير وانفعال من استهزاء صديقه به
_ احترم نفسك عشان مغلطش فيك وأنا لساني قليل الأدب
زياد ضاحكا
_ طيب ياعم خلاص اوصفلي
________________________________________
أنت دخلت فين بظبط عشان اقولك ترجع وتاجيلي إزاي
هدأ آدم قليلا وبدأ يصف له المكان الذي هو فيه وينظر إلى أعلى المحلات يقرأ اسمائها ويخبره بها .. لكن فجأة وجد طفل صغير يمد يده من زجاج السيارة ويجذب الهاتف من يده ويركض !! .
اعتدل في جلسته ورفع ذراعيه لأعلى يتمطع پألم وأسند الكتاب الصغير الذي كان يقرأ منه القصص لابنته على المنضدة الصغيرة بجواره ثم هب واقفا وفرك عيناه وانحنى عليها يطبع قبلة رقيقة على شعرها قبل أن يرفع الغطاء عليها ويدثرها جيدا .
اتجه نحو باب الغرفة وفتحه بحذر شديد حتى لا يزعجها في نومها وغادر وتركه مواربا .. رفع كفه لرقبته يفركها پألم ويحركها على الجهتين برفق أصدر تأففا حارا ثم وقع نظره على الغرفة المقابلة له والتي لازمتها جلنار منذ قدومهم بالأمس تحرك بخطواته الثابتة نحوها ثم فتح الباب ودخل فوجدها نائمة في فراشها ووجها مقابل للباب وشعرها مفرود بجوارها على الوسادة ترتدي منامة منزليه تصل لركبتيها ولكن ارتفعت قليلا لما فوق الركبة دون أن تشعر وهي نائمة .
مالت شفتيه درجة واحدة لليسار وهو يتأملها قبل أن يقترب منها بخطواته في بطء حتى لا تشعر به ويقف أمام الفراش ينظر لها وهي منكمشة بجسدها من البرد انحنى عليها قليلا ومد يده إلى منامتها حتى ينزلها ولكنها انتفضت جالسة كالتي لدغتها عقرب بمجرد ما شعرت بلمسة يده وقالت پغضب
_ بتعمل إيه !!
عدنان بنظرات ثاقبة ونبرة جافة
_ مالك اټخضيتي كدا ليه
_ المفروض متخضش يعني لما اكون نايمة وأحس بلمسة حد على جسمي
مالت برأسها للخلف في ارتباك بسيط عندما وجدته ينحنى بجسده ووجهه عليها ليهمس في نبرة غليظة
_ أولا أنا مش حد .. ثانيا مفيش غيرنا في البيت
استعادت شجاعتها وقوتها لتجيب عليه بنظرات شرسة وتحذيرية
_ متلمسنيش تاني مفهوووم ياعدنان
لاحت بشائر ابتسامته المستهزئة وقال ببرود وبعينان حادة النظر
_ مفهوم !!!! .. ولو لمستك بقى هتعملي إيه !
همت بأن تجيب عليه لكن رنين الباب أوقفها وجعلها تتبادل معه النظرات باستغراب .. ثم انتصب هو في وقفته واستدار مغادرا الغرفة متجها نحو الباب وهي