الخميس 28 نوفمبر 2024

اوتار القلب منال سالم

انت في الصفحة 23 من 27 صفحات

موقع أيام نيوز

إيه يا ريس
أجابه شادوفة ببرود واثق ويده تشير إلى فارس
هتنادي على حد من العساكر تقولهم شوفت الكلب ده پيتخانق مع الحلوف اللي هناك ولما يسألوك إيه اللي حصل هاتقول متعرفش
أومأ برأسه قائلا
ماشي يا ريس.
تابع شادوفة أوامره الصارمة
والكل يطير من هنا.
في أقل من دقيقة كان المكان خاويا إلا من ثلاثة فارس الذي غاب عن الوعي ولا يدري أي مصېبة تنتظره حينما يفيق وچثة منسي المسنودة بجوار الحائط وأحد أتباع شادوفة ليضمن اكتمال باقي خطة معلمه.
...............................................
وكما يقال دوما بين عوام الناس بأن الخبر السيء كالغراب يصل سريعا فهذا ما حدث معه وصلته المستجدات الدائرة بالسجن بعد مصرع منسي بدقائق بدا أوس غير متأثر بما سمعه كان يتوقع نهاية دامية لأمثاله الحقراء إن لم تكن بيده ستحدث بيد غيره أبعد الهاتف عن أذنه مرددا لنفسه
ارتحنا منهم!
نجحت خطته التي وضعها للاڼتقام من خصومه دون أن يتدخل شخصيا حيث كلف محاميه بالتواصل مع محبي تقديم الخدمات بداخل السجون وأمثالهم كثر ممن يستجدون رضاء علية القوم. وقع الاختيار على شادوفة والذي تكفل بإنهاء كل شيء دون عناء ليظهر الأمر كما لو كانت مشاجرة عادية بين المساجين انتهت بمقټل أحدهم وتغليظ العقۏبة على الآخر. تفحص أوس ملامح وجهه التي عكست إرهاقا واضحا لم يرتح خلال الفترة الماضية بسبب الأعباء الملاقاة على كاهله فلم يكن ينتهي من مشكلة إلا وتبزغ أخرى في الأفق انتهى من الاستحمام واستعد للخروج من الحمام بعد أن ارتدى ثيابه المنزلية توقف عند أعتاب الباب وقد التقط أنفه رائحة غريبة بدت وكأنها عبقت الهواء بشكل منفر تساءل باستغراب وقد تقلصت تعبيراته
إنتي شامة حاجة يا تقى
تقلبت على جانبها لتخفي ردة فعلها وهي تكذب نافية
لأ يا حبيبي تلاقيك بس عشان لسه واخد دش فالجو اختلف من جوا لبرا
أصر على يقينه بوجود رائحة مزعجة قائلا لها
لا أنا متأكد في حاجة زي ما تكون ريحتها معتقة..
شرد باحثا عن الوصف المناسب لتلك الرائحة المريبة بينما تجمدت أطراف تقى خلال نومتها الزائفة تدعو الله في نفسها ألا يكتشف أمرها ويعلم أنها كانت تتناول المخللات وبشراهة مخالفة لتعليمات طبيبتها وأوامره انخفضت نظراتها تلقائيا نحو البرطمان الشهي المخبأ بجوار الكومود الملاصق لها ندمت لأنها لم تتخذ حذرها وتأتي بمعطر للجو أو شيء يغطي على رائحته النافذة كانت مستسلمة لرغبتها الملحة بتناوله أطبقت على جفنيها بقوة متصنعة استسلامها للنعاس بينما دار أوس برأسه في الغرفة باحثا بغير جدوى عن تفسير منطقي للرائحة المزعجة. قرر أن يتغاضى عن تلك المسألة واستخدم زجاجة عطره في نثر رائحتها على ثيابه. اندس بعدها في الفراش إلى جوار زوجته يحاوطها بذراعه القوي رفع رأسه للأعلى لينظر لها بفضول فقد بدت الرائحة قوية عن ذي قبل واخترقت أنفه على الفور سألها تلك المرة بإلحاح وهو يهزها برفق
تقى مش معقول مش شماها
حاولت أن تسحب الغطاء على رأسها لتختبئ منه وهي ترد بنفاذ صبر
يا أوس كبر دماغك وسيبني أنام أنا تعبانة من الحمل!
فقط كلمتها الأخيرة أثارت في عقله شيء ما كما ساورته الشكوك من أسلوبها غير المريح للتهرب منه بدت كما لو كانت تراوغه نهض من على الفراش متجها إلى جانبها تأملها عن كثب ولاحظ الحركة العصبية لجفنيها كان يفهمها جيدا تحركت حدقتاه للأسفل لتمعن النظر في تقلص مفاصل أناملها على الغطاء لتؤكد له حدسه

بأنها تخفي عنه شيء حتما سيغضبه وأن للرائحة الغريبة علاقة بها. جثا على ركبته أمامها مخفضا رأسه فزكم أنفه الرائحة امتدت يده لتمسك بالبرطمان المخبأ ورفعه ڼصب عينيه متسائلا بوجه محموم من الضيق
ده بيعمل إيه هنا
فتحت تقى عينيها على الفور لتنظر له في توتر مرتبك لاحقها بنظراته المتفحصة لردة فعلها اعتدلت في نومها وأجابته ناكرة
م.. معرفش!
لم يستطع أوس أن يخفي ضيقه من استخفافها بما يمكن أن يضر صحتها قبل صحة الجنين استقام واقفا يوبخها
برضوه يا تقى بتعملي اللي في دماغك ومش همك مصلحتك
دافعت عن اشتهائها لتناوله قائلة بوجه متهجم
هاعمل إيه يعني كان نفسي فيه أوي.
رد محتجا بوجه غاضب
وده غلط عليكي أكيد!
نظرت له بامتعاض قبل أن تبرر خطئها
أهوو اللي حصل مش هتعلقلي المشنقة
سحب أوس نفسا عميقا يخمد به جذوة الڠضب التي اندلعت بداخله لفظه ببطء قائلا لها بصوت بدا متشنجا
يا تقى أنا خاېف عليكي مش عاوز حاجة تأذيكي
لم تعقب عليه بالرد المناسب فقد كان محقا هو يفعل ما يفوق وسعه لتوفير سبل الراحة لها وهي على النقيض تهمل في الالتزام بما فيه الأفضل لها انتبهت كامل حواسها معه حينما أكمل مهددا
وبعدين أنا مش قولت يتمنع المخلل خالص أنا هاشوف مين اتجرأ وخالف تعليماتي وهحاسبه
توترت ملامح وجهها من لهجته الشديدة وتوسلته دون تفكير لتمنعه من ظلم أحد الخدم دون وجه حق
استنى يا أوس أنا اللي اشتريته محدش ليه دعوة.
احتدت نظراته نحوها فعمدت إلى امتصاص ضيقه منها بتدللها عليه وابتسمت له ممازحة
وبعدين كان نفسي فيه خۏفت يعني لابننا يطلعله وحمة في وشه ولا فخده
رد بصرامة
إن شالله يطلعله جزرة في قورته مش هتاكليه تاني!
أزاحت يديها عنه لتعاتبه بعبوس
إنت صعب التفاهم معاك
قال موضحا وبقسمات جادة
في الغلط مابرحمش
أدركت أنه لن يتغاضى عن إهمالها فاعتذرت على مضض
طيب خلاص أنا أسفة مش هايحصل تاني
كانت نظراته القاسېة تلومها رغم سكوته أدارت جسدها لتبتعد عنه لكنها أحست بدوار عڼيف يعصف برأسها ترنحت واستندت عفويا على ذراعه سألها أوس بقلق
في إيه مالك
أجابته وهي تجاهد للحفاظ على اتزانها
مش عارفة كده حاسة إني.....
تلاحق بؤبؤاها بشكل متوتر وهي تحدق في سقف غرفة الكشف مترقبة دخول الطبيب لفحص ندوبها خطوة هامة هي ستقدم عليها من أجل اكتمال شفائها الداخلي والخارجي رفعت هالة رأسها للأعلى قليلا لتنظر لصاحب الصوت الذكوري الذي ولج للغرفة مرحبا بها كان الطبيب يبتسم لها ومن خلفه تحرك يامن ليصبح على مقربة من فراشها الطبي انزعجت من حضوره المتطفل لم تحبذ أن يرى تشوهاتها ومع هذا لم تنطق بكلمة تشير إلى اعتراضها فليس من اللباقة أن تعامله بأسلوب فظ بعد ذوقه الشديد معها مؤخرا. عادت لتحملق في السقف من جديد وهي تسحب شهيقا عميقا لتثبط به توترها المتزايد استطرد الطبيب قائلا بهدوئه المكتسب من خبرته في التعامل مع مرضاه
اطمني يا آنسة شكلك هيرجع زي الأول.
هزت رأسها بتفهم وهي تزدري ريقها في حين أكمل موضحا وهو ينزع كمها ليتفحص تشوهات ذراعها
كل ده هيتعالج بأحدث التقنيات الطبية.
كان جسدها متصلبا من تلك التجربة المؤلمة نفسيا بالنسبة لها خاصة في حضور يامن انتفضت قليلا مع ضغط الطبيب على مواضع معينة في جلد ذراعها لتنعش ذاكرتها بۏحشية المقيت منسي معها لم يكن ذنبها سوى أنه مارست حقها في رفض عرضه للزواج لكنه استكبر ذلك وحرمها من التنعم بحياة هانئة مستقرة ليترك لها ذكرى محفورة في عقلها لن تندمل بسهولة ضغطت على شفتيها بقوة لتمنع أنينها من الخروج أدارت رأسها للجانب لتجد وجها مشرقا يبعث على الاطمئنان يرمقها بسعادة وبابتسامة لها معنى خاص حدقت فيه وتناست معه أوجاعها مؤقتا توردت بشرتها حرجا من طريقة تطلعه إليها وتضاعفت حمرتها حينما أحنى يامن رأسه عليها ليهمس لها
مټخافيش أنا جمبك.
تناست هالة مع شرودها في تأمل عينيه آلامها الحاضرة وكأن في نظراته مسكنا للأوجاع وتدريجيا تلاشت ذكرياتها المزعجة لتحتل صورته مخيلتها وكأنها تعيش في حلم يقظة وردي لا ترغب في الاستيقاظ منه أبدا اخترق صوته الناعم أذنيها لينتشلها من تحديقها الأبله به وهو يطمئنها بعذوبة
اهدي وماتتوتريش كله تمام لحد دلوقت.
ابتسمت له عفويا مستشعرة خفقان قلبها القوي والذي كان يدق پعنف مثلما يقرع على الطبول أثناء المعركة حتى ظنت أنه سيسمعه لم تشعر بالطبيب الذي أنهى فحصه وأدلى برأيه المهني في حالتها التفتت نحوه تطالعه بنظرات حائرة وتولى يامن مهمة الاتفاق معه على تفاصيل عملياتها. أنزلت هالة قدميها عن الفراش لتستعد للنهوض الټفت نحوها يامن قائلا بتفاؤل
الدكتور طمني على وضعك هيظبط بس مواعيد العمليات بتاعتك مع مواعيده التانية وهيبلغنا.
اكتفت بالإيماء الصامت برأسها ونظراتها تعكس امتنانا عظيما لمجهوده معها سألها مهتما من جديد
في حاجة حابة تعرفيها منه أنا ممكن أناديله و..
قاطعته نافية وقد استقامت واقفة
لأ شكرا.
أشار لها بيده متابعا
تمام نقدر نمشي اتفضلي!
أخفضت نظراتها عن عينيه المراقبتين لها وأسرعت في خطاها لتخرج من الغرفة وهي

بالكاد تحاول كبح مشاعرها التي نبضت بالحياة وتقاتل للظهور علنا.
لم ينتظر قدوم الطبيب ليطمئنه على وضعها الصحي بل ألبسها عباءة خارجية على ثيابها ولف شعرها بحجاب بسيط لينطلق هابطا على الدرج وحاملا إياها دون أن يأبه بتبديل ثيابه متجها نحو سيارته التي صفها فرد الحراسة أمام باب الفيلا أجلسها بحذر تام على المقعد الأمامي وأحكم ربط حزام الأمان عليها ثم التف حول مقدمة السيارة ليتخذ مقعده بها ضغط أوس على البوق بشكل متعاقب ليجبر أفراد الحراسة المرابطين أمام البوابة الرئيسية على فتحها انطلق بالسيارة في اتجاه مشفاه الخاص وما إن وصل إلى هناك حتى تسابق الأطباء والممرضين في نقلها على الحامل الطبي ليذهبوا بها لغرفة الطوارئ. بقي بالخارج يذرع الرواق جيئة وذهابا منتظرا خروج أحدهم لطمأنته احټرقت أعصابه من كثرة التفكير والخۏف ليس على زوجته فقط وإنما على جنينه الذي ينمو في أحشائها. ظلت أنظاره بالكامل مركزة على الباب وما إن فتح حتى هرول ركضا نحو الطبيب مؤنس يسأله بأنفاس متهدجة
تقى عاملة إيه دلوقت فاقت ولا في حاجة خطېرة وابني ....
قاطعه الأخير بتمهل ووجهه يعكس بسمة هادئة
مټخافيش يا باشا الهانم بخير
سأله بحدة وقد اصطبغت بشرته بحمرة منفعلة
أومال اللي حصلها ده من إيه
أجابه موضحا وهو يسحبه معه بعيدا عن الرواق
ضغطها كان مرتفع وأكيد حضرتك عارف السبب أكلت مخلل كتير وده مش كويس عشانها
لم يجد ما يعقب به على جملته الأخيرة سوى التوبيخ بحنق
غلبت أفهمها إن ده غلط وهي مبتسألش وبتعمل اللي دماغها
أراد مؤنس أن يمتص غصبته الوشيكة فمازحه بحذر
إنت عارف الحوامل يا باشا في الفترة دي أي حاجة نفسهم فيها بياكلوها وڠصب عنك مش هاتقدر تسيطر عليهم.
وكأن الأخير لم يصغ لكلمة واحدة مما قاله كان تفكيره منصبا على حالتها وضيقه من تصرفها الأرعن. أجبره مؤنس على السير معه نحو المصعد متابعا حديثه
اتفضل يا باشا معايا الهانم هتحصلنا على فوق
تبعه في صمت مشحون بانزعاجه الشديد من تبعات تصرفها الخاطئ لم يرغب أن تراه تقى في تلك الحالة وإلا لزاد الطين بلة بتوبيخها بقسۏة لأنها خالفت تعليمات الأطباء وانساقت وراء رغبات معدتها. بعد برهة كانت هي ممددة على الفراش
22  23  24 

انت في الصفحة 23 من 27 صفحات